أنتجت التغييرات التي يعرفها الوطن العربي رؤوسا مختلفة في العالم، حيث حاول كل طرف تقديم قراءة لما يحدث، وباعتباركم باحثا، ما هي قراءتكم لما يجري؟ أعتقد بأن موضوع الملتقى ''الثورة والثورة المضادة العربية''، يعكس بشكل صحيح إشكالية الغليان الذي يعرفه العالم العربي في الأشهر الأخيرة، وفي هذا السياق أقول أن تسمية الربيع العربي الذي يهتف به الشباب يشكل شتاء بالنسبة لشريحة من المواطنين، والسؤال الذي يعود دائما إلى ذهني هو في أي موسم نحن، إنه من الأولوية الإجابة على هذا السؤال، يجب تحديد الموسم الذي نحن فيه وهذا حتى يتسنى لنا القيام بتحليل للأحداث، فمثلا الجزائر خلال فترة 1954 1962 كانت لها مغزاها وسياقها والفاعلين كانوا يعرفون مهمتهم والدور الذي يلعبونه وهو تحرير البلاد، ومرحلة السبعينيات كانت تملك الفاعلين فيها وكذلك الشأن بالنسبة لأحداث 1988 وعودة إلى ما يحدث في الوطن العربي بودي الإشارة إلى دراسة أجريت سنة 2002 من طرف بعض الباحثين العرب، ووضعت ثلاثة سيناريوهات للتغيير في المنطقة الأولى يتضمن خيار العنف، والثاني يتعلق بالإزدهار والثالث يتجلى في الوسطاء المدفوعين من الخارج· هل تمت السيناريوهات الثلاثة؟ نعم، فالتقرير تصور كل ما يجري في الوطن العربي حاليا، وبتحليل بسيط نجد أن السيناريوهات الثلاثة تمت كما كان مخططا لها، وأعطي لكم مثالا عن ثورات تونس ومصر وبعدهما سوريا والتي تندرج ضمن السيناريو الأول والذي يطرح التغيير عن طريق العنف ووضع كل من المغرب، الجزائر، موريتانيا يندرج في السيناريو الثاني، الوضع الحالي في ليبيا يتلاءم مع السيناريو الثالث الذي يعتمد على التدخل الخارجي· هل الذين قدموا هذه التقارير تنبأوا وبرمجوا هذه الثورات؟ هذا السؤال يجرني إلى الحديث عن دور النخبة في المجتمع التي عليها أن تؤديه في المجتمع، فعندما تكون هناك أحداث علينا أن نضع مخططا لتسييرها، والشيء الأكيد هو أن الأمريكان يسيطرون على بحوث الأممالمتحدة، ويضاف إلى هذا العنصر قوة هذا البلد الذي يسعى لفهم كل الظواهر في العالم وتطور كل السيناريوهات المحتملة التي تضمن مصالحه، وعليه أقول أن الأحداث في المنطقة العربية كانت متوقعة ومبرمجة في آن واحد، والآن على النخبة في هذه البلدان أن تختار الطريق الذي ستسلكه بعد التغيير· هل توجد الجزائر بمنأى من السيناريو الأول أو الثاني؟ لقد عاشت الجزائر السيناريو الأول سنة 1988 الذي سمح بالإنفتاح الديمقراطي، وحاليا الأمور تتجه إلى السيناريو الثاني، أي التغيير عن طريق الإزدهار، فكما نعلم أن كل الشعب الجزائري يرفض أي شكل من التدخل الأجنبي على أرضه، ولهذا ما يزال أمامه سوى الطريق الثاني ونجاحه مرهون بإقحام النخبة في التغيير والحياة السياسية كما أكده أحد المتدخلين في الملتقى وهو محمد حربي·