ما ننساشي هاذ المحنة··· من عند الله جات··· نوحوا يا سادات يا فاهم لبيات··· رجال قسنطينة في فتنه··· نوحوا بالدمعات نشدي جبته بحسن الجودي··· على الجيفة بن ليهودي··· جا يخطي باللسان المودي في بيت الصلاة··· عباد الله الكل شهودي··· جازاه الممات هذا مقطع من قصيد غناه الحاج محمد العنقى يتحدث فيها عن أحداث في 4 أوت 1934 بقسنطينة حين اقتحم أحد اليهود الجامع الأخضر· القصيدة كان ردا من العنقى على أغنية جديدة للمغني اليهودي ليلي العباسي· بعدها ب 76 سنة يجلس ابن الحاج محمد العنقى إلى جانب إبن ليلي العباسي ويقول إن هؤلاء كانوا معنا في خندق فني واحد· ''الغوسطو'' لفظة إسبانية ''el gusto'' تعني الطعم، لم يستعملها الدزيريون بمعناها القاموسي، بل بمعنى ''استساغ''، فقالوا ''ماشي غوسطويا'' بمعنى لا أستسيغ هذا الأمر· وقالوا ''فلان في غوسطوه''، أي هو في أمر يستسيغه· وشاعت لديهم عبارة عندما يترك الواحد منهم مجلس سمر يقول لمن بقي بالمجلس ''الله يدوم غوسطوكم''· لكن في أية حال من الأحوال لم يقل الدزيريون لشيخ أغنية الشعبي ''الله ينزل عليك الغوسطو'' مثلما يدعي أحد أعضاء الفرقة ''مصطفى تهمي''· كانوا يقولون ''تْخَلْوَى''، ''رْكَبْ''، هي مراحل شيخ ''الشعبي'' يبدأ بقطع العلاقة بينه وبين السامعين، يدخل خلوته فيرونه ولا يرى أحدا، بعدها يركب براق هذه الموسيقى هو وفرقته كي يرتقي إلى ملكوت آخر· ألم يسم الدزيريون عازفي البانجو على يمين ويسار الشيخ ''جْنَاحْتِينْ''؟ إنما هما جناحا هذا البراق الذي يركبه الشيخ إلى عالم من صفاء الروح، لا يلبث أن يرفع إليه كل السامعين· لا الهادي العنقى نجل الشيخ المرحوم الحاج محمد العنقى، ولا عبد القادر شرشام ولا غيرهما من أعضاء فرقة ''الغوسطو'' يمكنهم أن ينكروا أن الشعبي الذي ولد من رحم المديح كما غناه الشيخ الناظور وأرسى دعائمه شيخ هذا الفن دون منازع الحاج محمد العنقى، إنما هو طابع موسيقي ''قصباوي'' صرف أجاد فيه الدزيريون المسلمون بشكل رائع، ولم تدع حتى حواضر جزائرية أخرى، مثل مستغانم، أن لها فيه قيد ظفر في بروزه ونهضته· فما بالك بمغنين يهود· لماذا اختارت مخرجة الفيلم السفينة لتنقل أعضاء فرقة ''الغوسطو'' من الجزائر إلى مرسيليا؟ لماذا لم يتنقلوا بالطائرة؟ هل المسألة متعلقة فقط بإضفاء تلك الشاعرية والرومانسية التي يكفلها البحر على الفيلم؟ ربما· ولكن البحر بالنسبة إلى الشعبي كان دائما إحالة عن عصبة من الدزيريين الذين حاولوا اختصار الشعبي في حشاشات الكيف والطاسة والغربة، منذ أن أراد المرحوم دحمان الحراشي شق طريق جديد في الشعبي يفضي به إلى الابتذال· مفارقة عجيبة، الهادي العنقى نجل المؤسس لأغنية الشعبي يركب باخرة إلى جانب عصبة أخرى من تلاميذ العنقى، عبد القادر شرشام وعمر بوجمية، باتجاه مرسيليا وهو يغني ''مندوزا'' جديدة غير ''المندوزا'' التي غناها والده الكاردينال وهو متجه شرقا إلى البقاع المقدسة· ربما هي الصدفة أن يتجه الأب شرقا ويتجه الابن غربا·