قدّم الكاتب محمد بغداد في تناوله لظاهرة ''الإسلام السياسي'' أسئلة أكثر من تقديمه لأجوبة، وقال إن الموضوع يحتاج إلى مفاتيح من أجل فهم العنوان الضخم والملف الواسع، ومن الأفضل تناوله منهجيا· ركز محمد بغداد عند تدخله في ندوة ''الإسلام السياسي'' في إطار برنامج ''ألف نيوز ونيوز''، على جملة من الملاحظات منها أن الجزائر لا تمتلك أرشيفا بحثيا عن الظاهرة، وأن طبيعة الموضوع معقدة فهي تتناول الجانب الخيري والجانب الدعوي والجانب الطقوسي والاجتماعي والمالي، وبالتالي لا يمكن حصرها في موضوع واحد· وقال إن ما يلاحظ اليوم هو تحول في تناول الظاهرة من خلال جملة من المؤشرات منها تراجع خطاب التخويف الذي كان إعلاميا بالدرجة الأولى، وتساءل إن كان تراجع هذا الخطاب مصدره داخلي أم مرتبط بالآخر الذي أراد ترويج صورة مختلفة عما كانت عليه في السابق· وتساءل أيضا إن كان الأمر مرتبطا بصعود الإسلاميين الجدد في تركيا الذين أصبحوا يشكلون مرجعية لمختلف الإسلاميين في المنطقة، وهم الإسلاميون الذين ولدوا من رحم الظاهرة الأربكانية (السياسي التركي الراحل نجم الدين أربكان) الذي كانت مرجعيته نورسية (المفكر الإسلامي سعيدي نورسي الذي دفنه العسكر التركي عند وفاته سنة 1960 في مكان مجهول)، وقد تخلى ورثة أربكان الذي انقلبوا عليه عن المرجعية النورسية· وتساءل محمد بغداد أيضا عن دور النخب المهاجرة في بروز هذه الظاهرة الجديدة، وعن تراجع الهيمنة الامريكية في العالم الجديد في بروز هذه الظاهرة، كما طرح سؤالا مهما إن كان من الممكن رصد هذه التحولات في الخطاب وتناول من خلال دراسات على فكر سابق· وقال إن الطرح الجديد لا يمت للظاهرة القديمة بصلة، فالإضافة إلى تغيير مرجعية الإسلاميين الجدد في تركيا، فإن إخوان العالم العربي مع تياراتهم الجديدة غيّروا بدورهم المرجعية من فكر سيد قطب إلى فكر محمد أحمد الراشد بكل ما يحمله الاختلاف بين الفكرين· وتجلى تحول الخطاب -حسب محمد بغداد- لدى الإسلاميين الجدد في تغيّر الخطاب المتعلق بالمرأة، وأصبح الإسلاميون بالتالي لا يمانعون في تولي المرأة منصب رئيس دولة من منطلق أن رئاسة الدولة ليس المقصود بها الخلافة العظمى، وبالتالي أصبح بإمكان المرأة وفق الخطاب الجديد تبوأ مناصب لم يكن الإسلاميون في السابق يتسامحون معها· ويركز محمد بغداد على مسألة أساسية من صلب الظاهرة الإسلامية الجديدة، حيث دخلت الجامعات في عمليات تأويلية مختلفة، أدت في النهاية إلى تبرير الكثير من السلوكيات في الحياة اليومية، وتغيّر من خلالها خطاب الإسلام السياسي بشكل كبير، يحق للباحث في النهاية طرح الأسئلة السابقة من أجل فهم الخطاب الجديد وفق آليات بحث جديدة·