لقي الدكاترة الجزائريون المشاركون في المؤتمر العالمي " العدالة لأجل عالم أفضل للإنسانية " في نظر المفكر التركي العالمي بديع الزمان سعيد النورسي استحسان الأساتذة المشاركين في الملتقى، واصفين إياهم بالدقة العلمية والتمكن من المادة وعبّر غير واحد من المشاركين عن مدى عمق الطرح لدى الجزائريين، وأثنى إحسان قاسم الصالحي مترجم كتب سعيد النورسي إلى العربية على الاساتذة الجزائريين،وكشف في لقاء مع الشروق في بيته باسطنبول عن مشروع طبع مداخلاتهم في كتب مستقلة، بعد أن يستفيضوا في أفكارهم المطروحة بشكل أوسع وكانت مؤسسة الثقافة والعلوم باسطنبول قد أشرفت على تنظيم هذا الملتقى العالمي، بدعوة أكثر من مائة مفكر وأكاديمي عالمي من درجة دكتور وبروفسور،بالإضافة إلى حوالي 200 ضيف من خارج تركيا، في حين شهد اليوم الافتتاح منه حضور أكثر 15 ألف مشارك من تركيا والعالم. وقد تطرق أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الجزائر الدكتور محمد عبد النبي في مداخلته، إلى آراء الأستاذ النورسي في الاعتدال ومسالك الاستبداد، حيث نفى أية علاقة بين الاستبداد والإسلام، محذرا من التلاعب بالألفاظ فيما يخص ما أسماه "أقنعة الاستبداد "، موضحا أن هيبة الدولة يصنعها العدل وليس العنف،ومؤكدا أن "الحاكم العادل يجد لذة في إنفاذ عدله" بخلاف المتسلط الذي يجد لذة في تنفيذ تسلطه من جانبه، أكد الأستاذ بجامعة الجزائر الدكتور عمار جيدل أن العدال في رسائل النور مقصد من مقاصد القرآن الكريم، وهي بالتالي " أكبر من أن تحصرفي النطاق الاجتماعي فقط"، وأوضح أن هذا المفهوم وسيلة تربوية فاعلة على بعث العدل ودافعة للالتزام به، مشيرا إلى أن العدالة حاجة نفسبة تتمثل في "تسلية قلوب المظلومين"، مضيفا:" الاقتناع بهيمنة العدالة على الكون يؤسس للتعامل الايجابي معه في عناصره المادية والمعنوية" على حد تعبيره في نفس السياق، حلل أستاذ الفلسفة بجامعة الجزائر الدكتور لخضر شريط العلاقة التي تربط مفهوم العدل الإلهي بمفهوم العقلانية، معرجا على التعريف بالمفهومين من الأصل الذي نشأ فيه، لاسيما مفهوم العقلانية عند الفكر الغربي، ومقارن بينها وبين نظرة النورسي لها.. في حين ، تناول أستاذ الأدب بجامعة منتوري بقسنطينة الدكتور الربعي بن سلامة في مداخلته مقارنة مفهوم العدالة الإلهية،بعد تعريفها، بين فرقة المعتزلة وسعيد النورسي، مثبتا أن كليهما كانا ينطلقان من منطلق ديني، مستخدمين العقل في تحديد مفهوم " العدالة الإلهية " ، إلا أنه يضيف:" العقل الذي استخدمه النورسي اتسم باليمان وبشيء من الإلهام الصوفي"،ولذلك " جاء العقل عنده أكثر مرونة" وتجدر الإشارة إلى أن بديع الزمان سعيد النورسي هو مفكر تركي، قضى أغلب حياته بين سجن ومنفى، وقد حاول مقاومة سقوط الخلافة العثمانية على مدار سنوات وعلى عدة أصعدة، وبعد أن فشل تحول إلى ما أسماه إعادة البناء من جديد،فألّف تفسيره للقرآن الكريم الذي يحمل اسم " رسائل النور " خلال عقود، حتى صارت هذه الرسائل أحد أهم الكتب لدى شرائح واسعة من الأتراك. اسطنبول: هشام موفق