إستعاد جمهور الفضاء الأسبوعي ''ألف نيوز ونيوز'' بمقر جريدة ''الجزائر نيوز''، النص المسرحي الجديد لكاتبه محمد شرشال، في قراءة حملت من المتعة والسخرية، إشارات واضحة وأخرى ضمنية عن واقع قطاع الثقافة في الجزائر. ولم يستبعد شرشال أن يكون النص بمثابة مراجعة لبعض قراراته وأخطائه ، لكنه ملتزم من جهة أخرى بقناعته بأن القطاع يجب أن يسير بكفاءات وليس بولاءات لشخص وزيرة الثقافة، معتبرا أنه ضحية إقصاء متعمد، من قبل محيط المسؤولة الأولى على المجال الفني والإبداعي في البلاد. يندرج النص الذي كتبه شرشال، ضمن نوع الاستعراضي ذو الممثل الواحد، المعروف ب ''وان ما نشو''، الذي يقوم على السخرية والفكاهة: ''نصي من المسرح الخفيف، لا يكلف كثيرا من حيث الديكور، أنا الفرقة التمثيلية، مبني أساسا على السخرية، يعتمد على لغة خفيفة''، يوضح ضيف ''ألف نيوز ونيوز''، وأكد أنه اعتمد على تجربته في السلسلة التلفزيونية ''جمعي فاميلي''، حيث صاغ حوارا بسيطا فيه الكثير من الدعابة والبساطة، أفادته فيما بعد لكتابة ''الفيسبوك''. أبدى الممثل مصطفى عياد إعجابه بالنص، وقرر تمثيله وإخراجه مسرحيا في ,2011 وقد سمح شرشال لعياد التصرف في النص: ''مصطفى استغل النص على طريقته، إذ حذف مقاطع رأى أنها تضر به وتزعجه..''، مضيفا: ''عندما سلمت النص لمصطفى أصبح حرا في التصرف فيه، لهذا لم تزعجني تعديلاته''. وحول أداء الممثل على الركح، قال المتحدث: ''كنت أتمنى أن يتطور العرض تصاعديا، إلا أن الرؤية الإخراجية لعياد جعلته يستمر تنازليا.. كما أتحفظ على لياقة الممثل البدينة، فقد مرت مدة لم يمثل فيها مصطفى.. أعتقد أن مزيدا من التدريب سيكون أداءه أفضل''، يعلق شرشال الذي تأسف على اقتصار العروض على ثلاثة فقط، محيلا ذلك حسب قوله: ''إلى الحظر الممارس على شخصي، فلو أخرجت جمعية ''أصدقاء رويشد'' نصا آخر لدعمته الوصاية بجولات في مسارح جهوية ومراكز ثقافية.. ثمة خلل في التعامل مع التعاونيات''. قدم الضيف نصه في أجزاء رئيسة، بينت الحبكة الدرامية التي وجد فيها ذلك الممثل المتقاعد، الذي يخوض في سلسلة من الأفكار والتداعي الحر، فيقرر أن يعوض الفراغ، فولوج عالم جديد يدعى ''فيسبوك''، محاولا أن يجد لنفسه أصدقاء جدد، يملأون عليه حياته الرتيبة، بعد أن سئم من فوضى الواقع، ووضعيته كمبدع وفنان لم يحظ بكل فرصه وحقوقه. فالنص إذن، هو نقد مباشر لقانون الفنان، للأجور المخصصة للممثلين، للمناسبات الرسمية المنظمة في الجزائر، التي تقصي البعض وتبالغ في تلميع صورة البعض الآخر. نقل شرشال في لغة ''فيسبوكية'' تعلمها خلال تعاطيه للشبكة الاجتماعية، التي تحوّلت مدة ثلاث سنوات أو أكثر إلى نافذة يطل فيها على الجزائر، بعد أن قرر اعتزال العالم الخارجي، بعيدا عن مقهى ''طونطوفيل'' المحاذي للمسرح الوطني الجزائري، فكتب عن النميمة في الوسط الفني، وفيروسها الذي تنقل إلى الفيسبوك. ظهر جليا في صياغته للموقف الدرامي، حيث اعتمد على وقائع حقيقية وشخوص معروفة، مثل الشاعر عادل صياد وشخصيات سياسية مثل أبو بكر بن بوزيد، أبو جرة سلطاني، جمال ولد عباس، لويزة حنون، رابح سعدان، عبد العزيز بوتفليقة ونيكولا ساركوزي، وصولا إلى وزيرة الثقافة خليدة تومي، التي انتقدها مباشرة ووصفها ب ''الوزيرة التي عرّبها السيستام''، بينما قال عن محمد بن طاف: ''إنه عفريت صح'' وإنه ''عيط عيطا صحيحة حتى سمعوه الفوق''، هذا ما يعطي الانطباع على أن الكاتب، اعتمد على موقعه في الخريطة الثقافية للبلاد، وفضّل أن لا يكون الخيال عنصرا في عمله، بقدر ما ذكرنا بأشياء باتت متداولة على جدران ''الفسابكة''. يصف شرشال نفسه بالقول: ''أنا مخرج معاق، لأني تكوّنت في معهد معاق''، في إشارة منه إلى معهد برج الكيفان للفنون الدرامية وسياسة تسييره، يقول: ''قضيت خمس سنوات في المعهد، وخرجت منه مصدوما إلى الآن، ثمة أساتذة لا يستحقون أن يدرسوا هناك''. كما لم يتخل المسرحي عن لهجته الناقدة، حينما تطرق إلى سياسة تومي القطاعية: ''أعترف أنني طلبت من الوزيرة تعييني مديرا على أحد المسارح، لكن إدارتها تجاهلت طلبي، ولم تكلف نفسها عناء الرد، شعرت بالإهانة كمواطن ومسرحي له الحق في الرد..''، يشرح المتحدث قبل أن يضيف: ''لهذا أعتبر صراعي عموديا مع وزارة الثقافة.. وأستغرب كيف تعين تومي مدراء لا علاقة لهم بالمسرح، وبدل الكفاءة تشترط الولاء، بينما الولاء لا يكون لخليدة تومي بل للفن''، وعليه يعلن ''أنا ضد أحادية الرؤية في التسيير.. لماذا لا نعين مدراء يختلفون في الرؤى غايتهم خدمة المسرح فقط''.