إذا كانت ذاكرتنا تحتفظ ببعض أشغال الجمعيات العامة التي تعقدها ''الفاف'' أو الرابطة الوطنية لكرة القدم أو حتى الأندية، فإن السمة الغالبة التي تطبع مثل هذه اللقاءات التقييمية لمشوار الهيئات والأندية، على حد السواء، هو المصادقة دائما على التقريرين المعنوي والمادي بطريقة أتوماتيكية، حيث لم نحضر ولا مرة واحدة رفض أعضاء الجمعيات العامة للحصيلة التي يقدمها الرئيس، إلى حد باتت العمليات التقييمية عبارة عن فضاءات ومواعيد يلتقي فيها الأحباب والخلان، وحتى المتخاصمين، ليلقوا التحية على بعضهم البعض ويتجاذبون أطراف الحديث حول مآسي هذه الحياة، بما فيها الجانب الكروي. وغالبا ما يطبع هذه اللقاءات أحاديث هامشية تجمع بعض أعضاء الفريق أو الهيئة الكروية، وتكون في زوايا بعيدة عن الصخب الذي تعرفه عادة الجمعيات العامة. كما تحتفظ ذاكرتنا كذلك بأن الحرب الكلامية التي تميز الموسم الكروي، بين رؤساء الأندية فيما بينهم لا تعدو كونها سحابة عابرة سرعان ما تتلاشى بمجرد تواجد هؤلاء الرؤساء في الجمعيات العامة للفاف أو في لقاءات مناسباتية، ويحل محلها القبلات والقهقهات والمزاح وبعض من الجد. كما تتحوّل أحيانا الجمعية العامة للفاف إلى فضاء لإصلاح ذات البين وإعادة الأمور بين الرؤساء المتخاصمين، من خلال تدخل بعض العقلاء المعروفين بدورهم الريادي في إدابة الجليد وتصفية القلوب أو قل يطبقون نظرية عفا الله عما سلف. هكذا تتحوّل الجمعيات العامة عن مسارها الحقيقي، عندما يتعلق الأمر بالفاف أو الرابطة. أما الجمعيات العامة للأندية، فهي تكون عادة فرصة للرؤساء لتقديم الأرقام وحجم الأموال التي صرفت خلال الموسم وسط ولاء وقبول مذهل للأعضاء الذين لا يحركون ساكنا ولا يسألون، بل وربما لا يسمعون ما يقول الرؤساء لأنهم ببساطة ينتظرون لحطة واحدة ووحيدة، وهي مرحلة رفع الأيدي أو تركها في جيوبهم، غير أنهم تراهم يسارعون إلى تزكية أفول الرؤساء. فخلال متابعتي على مدى 30 سنة لمجريات الجمعيات العامة التي تعقد على مستوى ''الفاف'' أو الأندية، لم أسمع يوما أن التقرير قد تم الطعن فيه، اللهم مرة واحدة، وكانت في الثمانينيات والمكان كان بعين مليلة، حيث تجرأ أحد الحاضرين واستفسر رئيس أمل عين مليلة عن بعض الأموال، فما كان من هذا الأخير سوى رفع الجلسة على الفور، وهي حادثة شاذة والشاذ لا يقاس عليه.