نفى الناطق الرسمي لما يسمى ب «حركة تقويم وتأصيل الأفلان»، «محمد الصغير قارة»، أن تكون دوافع التمرّد الحاصل على القيادة الحالية للحزب العتيد تُحرّكها حسابات شخصية أو صراعات على المناصب، وأكد في المقابل أن الغرض منها هو إعادة قطار الجبهة إلى السكة الصحيحة، متهما الأمين العام بالانحراف والكيل بمكيالين، ويُبرّر «قارة» في هذا الحديث ل «الأيام» الدوافع الحقيقية التي حرّكت التقويميين نحو إعلان العصيان على «بلخادم»، مشيرا إلى أن بقاء الأخير في الأمانة يعني «خطرا كبيرا على مستقبل حزبنا». رغم الترحيب الذي حظيت به مبادرة «تقويم وتأصيل الأفلان» من مناضلي هذا الحزب، فإنها تعرّضت للكثير من الانتقادات من حيث الظرف الذي اخترتموه لإعلانها كونه جاء متأخرا وفي ظرف حسّاس يستعد فيه الحزب لخوض غمار استحقاقات غاية في الأهمية. ألا تعتقدون بأن حركتكم تسيء للأفلان أكثر مما تخدمه؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال لا بدّ من العودة إلى مختلف التطوّرات التي سبقت إطلاق مبادرتنا، وبالتالي تقييم وضعية الحزب منذ اعتلاء «بلخادم» الأمانة العامة في 2005، فكان مجيؤه هو محاولة الخروج من الأزمة التي عرفها حزبنا حينها، وبالتالي كان من المفترض أن تُمنح الأولوية للم الشمل، ونتساءل: هل هذه المرحلة شهدت تطوّرا؟ الجواب واضح جدّا فطيلة هذه الفترة لاحظنا العكس لأن الحزب أخذ في التدهور. وهذا أمر معروف لأن كل المواقف التي اتخذها هذا الرجل تُخالف تماما مصلحة الأفلان وإرادة مناضليه، فالمشاكل التي ورثناها عن المرحلة السابقة أخذت تتراكم وتتفاقم وهو ما عمل على تعميقها أكثر، وحتى الصراعات زادت لأن «بلخادم» لم يتخذ ولو مرة واحدة موقفا لحل مشكل الهياكل، بل إنه حاول توسيعها أكثر. ما وقفنا عليه منذ 2005 هو أن الأمين العام كان يُؤجل الفصل في القضايا النظامية، ولم نتدخل لأننا تعاملنا مع الوضع بحسن نية، ففي البداية قال إن الأولوية هي التحضير للانتخابات التشريعية والمحلية في 2007، فتفهمنا تبريراته على أساس الحرص على حماية مكاسب الحزب، لكن سرعان ما بدأت الحقيقة تظهر بعد أن اتضح أن «بلخادم» يقول ما لا يفعل من خلال التجاوزات التي حصلت في عملية تحديد قوائم المترشحين لتلك الاستحقاقات، وهو ما مثّل انطلاقة كبيرة نحو الانحراف بعزل القاعدة، وكانت النتيجة ترشح أناس لا علاقة لهم بالحزب بما يتناقض مع تقاليد الأفلان إلى درجة لمسنا في ذلك جهوية ومحسوبية وتفضيل أصحاب المال السياسي، وكانت النتيجة تقهقر الحزب في المجلس الشعبي الوطني حيث لم يحصل سوى على 136 مقعدا بعدما كان العدد في حدود 200 مقعد. تتحدّثون عن الانتهاكات والتجاوزات، لماذا لم لكن لم تتدخلوا في حينها لوقف ما تُسمونه «الانحراف»؟ في ذلك الوقت تحدّثنا عن التجاوزات ولكنه ردّ علينا مرة أخرى وساق مبرّرات جديدة وهي استفتاء تعديل الدستور، فاعتبرنا ذلك أولوية وطنية وفضّلنا عدم إثارة الملفات إلى حين إجراء الاستفتاء، ومع ذلك زادت حدّة المشاكل وتراكمها، ليخرج علينا من جديد بمبرّر الانتخابات الرئاسية في 2009 طالبا تأجيل طرح القضايا، وبعدها أبلغنا بضرورة طرح المسائل المتعلّقة بتجديد الهياكل خلال المؤتمر التاسع، فلم يكن لدينا خيار آخر سوى الاستجابة حرصا على مصلحة حزبنا واستقراره، فكان المؤتمر النقطة التي أفاضت الكأس لأننا تأكدنا أكثر من أي وقت مضى بأن كلام «بلخادم» كان مجرّد «حق أريد به باطل»، فقد أغرق المؤتمر بحوالي 6700 مشارك بحجة إشراك الشباب والمرأة، وتحوّل هذا الموعد إلى عملية فولكلورية في اختيار أعضاء اللجنة المركزية التي لم تُنشر قائمتها حتى الآن. وحتى أعضاء المكتب السياسي الذين ادعى بأنه أجرى استشارة واسعة لاختيارهم فاجأنا ب 15 عضوا، زيادة على شعار مستورد من السودان وهيكل تنظيمي بنفس طريقة الحزب الحاكم في مصر، كل هذا دفعنا لإطلاق مبادرتنا، فسياسة الأمين العام الحالي هي من تسببت في نزيف المناضلين كون نشر ثقافة التمرّد والعنف والعصيان على طريقة «البلطجية»، وبعد أن بدأ النزيف عوّض المناضلين المخلصين بأناس لا علاقة لهم بالحزب. خلافا لما تتحدّثون عنه فإن «بلخادم» يعتبر ما يحصل الآن من خلافات داخل بيت الحزب العتيد» بمثابة «ظاهرة صحية»، ما تعليقكم؟ لست أدري أين هي هذه الظاهرة الصحية التي يتحدّث عنها، فالمناضلون يتقاتلون وهو يقول ظاهرة صحية، إن هؤلاء الذي رفضوا سياسة «بلخادم» يتكلمون عن حزبهم كونه أصبح مهدّدا ويتجه نحو مزيد من الانحرافات بعد تعيين هذه «المافيا» والغرباء، تمنينا لو كان الأمر يتعلق بأصحاب المال السياسي النزهاء، والخطير أن هؤلاء «المافيا» سيأتون بأناس آخرين لإعادة تركيبة الأفلان، وبالتالي من المُستحيل أن نرضى ببقاء الأمور على ما هي الآن لأن مستقبل حزبنا في خطر. فالأفلان على وشك الانهيار، وإذا ما بقي «بلخادم» على رأسه فإنه حتما سيضيع، وبموجب ذلك من المستحيل أن نحصل على 30 مقعدا في تشريعيات 2012. يبقى مكسبنا الأوّل هو النجاح في وقف النزيف في المناضلين المخلصين. هناك من يرى في إعلان «بلخادم» بأن «بوتفليقة» هو مرشح الأفلان في رئاسيات 2014 ضربة قاضية للتقويمين، بالإضافة إلى اعتبار تصريحات الداخلية على أنها إضعاف لموقفكم ومبادرتكم، هل هذه المتغيّرات ستؤثّر في توجهاتكم؟ ما يهمنا هو استقرار حزبنا الذي يسعى لتطبيق برنامج رئيس الجمهورية في الميدان، وتنفيذ توجيهاته لمحاربة الفساد والرشوة والتصدي لكل المظاهر التي تُسيء إلى سمعة الجزائر، وهذا أحسن إنجاز وخدمة نقدّمها، ومن يسعى فعلا لخدمة الرئيس وترشيحه عليه أن يتجنّد في الميدان وليس مجرّد الكلام عن استحقاقات 2014، فهذا الكلام من «بلخادم» حقّ أريد بها باطل وهو يُضمر ما لا يقول ويقول ما لا يفعل. من يتكلم عن 2014 لا يتكلم عن الترشيحات وإنما عن كيفية التجنيد لتطبيق البرنامج الحالي، ونحن ليست لدينا عقدة من هذا التوجّه، فكلنا في حركة تقويم وتأصيل الأفلان كنا من الأوائل الذين وقفوا بجانب رئيس الجمهورية في 2003 ولا نزال على تلك المواقف. أما بخصوص موقف وزير الداخلية فهو كلام من رجل دولة ومجاهد، وليس معنى كلامه أنه مُنحاز لطرف دون الآخر، فعندما يقول أن استقرار الجزائر من استقرار الأفلان فهذا كلام رجل وطني، ونحن أطلقنا مبادرتنا من أجل إعادة الاستقرار لحزبنا وحماية مصالحه، فالحزب ليس هدفا بحدّ ذاته وإنما وسيلة للوصول إلى هذا الاستقرار، وعندما نسمع بعض الناس تقول بأن «ولد قابلية» اتخذ موقفا ضد التقويميين فهذا موقف صادر من إنسان ضعيف ليست لديه دلائل يُواجه بها الواقع. من كلّ هذه المعطيات إلى أين تتجهون الآن بمبادرتكم، هل نتوقع مثلا الذهاب نحو «مؤتمر استثنائي» ومن ثمّ الإطاحة بالأمين العام الحالي للأفلان؟ المؤكد أن قطار الجبهة سيعود إلى السكة الصحيحة، وقد شرعنا في استرجاع المناضلين وهم يُنظّمون أنفسهم في لجان على مستوى القسمات والمحافظات، كما أعددنا استمارة لتزكية عملية التقويم وسنُواصل التعبئة حتى نصل إلى هدفنا الكبير بما يضمن احترام القانون الأساسي والنظام الداخلي للأفلان الذين داسهما «بلخادم»، بمعنى أن هدفنا هو تصفية اللجنة المركزية وتطهيرها من الغرباء ممن لا تتوفر لديهم شروط العضوية وهي عشر سنوات على الأقل من النضال، وعلى كل من له سوابق عدليه أن يغادرها، وبعدها لا بدّ من تغيير المحافظين الذين أبقاهم الأمين العام رغم انعقاد المؤتمر التاسع، ثم إعادة الهيكلة التي تمت سابقا على شاكلة العصابات، وممكن من خلال هذا الذهاب نحو عقد مؤتمر استثنائي إذا أفرزت عملية التطهير إبعاد عدد كبير من اللجنة المركزية. نعرف أن «بلخادم» لن يستجيب ونعلم بأنه حكم على نفسه بالإعدام، قناعتنا أن «ما بُني على باطل فهو باطل»، وما يهمنا في النهاية ليس أن يستجيب أو لا يستجيب، فهو لم يعرف النضال الحزبي في حياته، ولكن الإجابة في يد المناضلين، نحن ليست لدينا أية مشكلة مع الأمين العام عندما يتحدث عن المصالحة، وأنا شخصيا ليست لدي أية خصومة معه، لكن عندما يتعلق الأمر بمصلحة الحزب فهذا أمر آخر، لدينا هدف نبيل هو إنقاذ الأفلان وسيكون لنا ذلك إن شاء الله حتى نتفرع لتطبيق برنامج رئيس الجمهورية.