الوضعية الحالية للأفلان كارثية، ولقد قمنا في التحليلين السابقين بتقديم الأسباب الحالية، التي أدت إلى أن يكون الحزب في طبعته الجديدة 2012 دون هوية، وبعيد كل البعد عن الأفلان طبعة .1962 هي مغالطة تاريخية وسياسية القول بأن قيادة الأفلان الحالية هي وريثة لقيم المجاهدين والشهداء، لأن الممارسة الحزبية الحالية تتحكّم فيها عقلية الحزب الواحد في صورته الاستبدادية والشعبوية، حيث أن 90% من الإطارات الحالية هي خريجة مدرسة الحزب الواحد البيروقراطي والجهوي، كما أن المنظمة الوطنية للمجاهدين ابتعدت منذ مدة طويلة عن إدارة الحزب، ولا يوجد أي ضابط من جيش التحرير الوطني أو الجيش الشعبي الوطني، العضو السابق في اللجنة المركزية للحزب الواحد في حزب الأفلان الحالي، وهناك نوع من الرفض للأفلان الحالي من قبل النخبة المثقفة، وتهميش للشباب والنساء داخل الحزب· هو الطلاق مع كل فئات المجتمع، ما يوضح أزمة الحزب الحالية، حيث أن مشاهد عدم الرضا التي تبرز في القوائم الانتخابية، المعارك على ''الزعامة'' والجري وراء المناصب في الحكومة والبرلمان، تذكرنا بحالة الميوعة التي وصل إليها الحزب· وتوجد ثلاث فرضيات تحاول إيجاد علاج لهذه الحالة، الأولى أن هناك من يعتقد أنه يجب القيام بوضع حد نهائي للخلط بين الأفلان الحالي والأفلان التاريخي الذي ولد سنة ,1954 حيث أن العديد من مناضلي الحزب يعتقدون بجزم أن الأفلان التاريخي ملك لكل الجزائريين، لكن السؤال الذي يطرح هنا، هو هل هذا التوجه معناه وضع الحزب في متحف التاريخ؟ الجواب هو لا، في حالة ما أخذت المنظّمة الوطنية للمجاهدين على عاتقها مهمة الدفاع عن هذا الموروث الوطني، الثانية أن هناك من يريد الاحتفاظ بعباءة الأفلان التاريخية للحفاظ على مصالحه الشخصية والاستفادة اللامتناهية من إيجابيات مناصب المسؤولية في هيئات الدولة، وهو ما سيؤدي بالحزب إلى الانهيار، وإذا لم يصل إلى هذه النتيجة حتى الآن، فلأن السلطة السياسية تحتفظ بالقيادة الحالية للحزب، لأغراض سياسية تكتيكية محضة· أما الفرضية الثالثة، فتتمثل في أولئك الذين يقترحون مشروعا وطنيا جديدا، يحافظ على الإرث التاريخي المتمثل في ثورة التحرير الكبرى، دولة القانون، العدالة الاجتماعية والقيم الوطنية التي يجب أن تكون متناغمة مع الإسلام المبني على الأخلاق والإنتماء إلى حضارة كبيرة، أعطت الكثير للإنسانية، وأخذت الكثير منها· وبعد خمسين سنة من الاستقلال، فإن تجديد علاقة السلطة بالشعب، سيسمح بتجمع الجزائريين حول رؤية وطنية وبرنامج اجتماعي واقتصادي مبني على العدالة الاجتماعية وليس الديماغوجية وتبذير الثروات، ووحده برنامج وطني متجدد يستطيع حل الأزمة الحالية للحزب، عن طريق تشجيع بروز نخبة جديدة قادرة على رفع تحديات القرن الواحد والعشرين، وفضح بطريقة نهائية السارقين الذين يختبئون وراء ثلاث كلمات نبيلة هي: جبهة، التحرير، الوطني·