هل يعقل أن تصل درجة الفساد والهوان إلى درجة البزنسة في أسئلة مغشوشة للبكالوريا، وهل يمكن لدولة تحترم نفسها تسمح أن يحدث فيها هذا؟ نهق حماري نهيقا مخيفا به الكثير من الألم والحسرة وقال·· هذا يدل على شيء واحد فقط، أننا أصبحنا دولة مافياوية يسيرها الفساد دون رحمة ولا شفقة· قلت بحسرة أيضا·· سلّمنا أمرنا لله بعد أن استهانت بنا الحياة وقبلنا بخبز معجون بالشمة وشربنا ماءً مخلوطا بالبنزين وتمرغنا في مشاكل لا حصر لها ولا آخر، وكان آخرها رضانا ببرلمان مزور لا يعبر عن صوت الشعب ومع ذلك يمكن أن يمر كل هذا، لكن أن يصل الأمر إلى البزنسة في مستقبل التلاميذ فهذا لا يعقل إطلاقا· ضرب حماري الأرض بحافريه وقال·· طغى الفساد وتجبر لدرجة أنه لم يصبح يفرق بين ماهو مباح وبين ماهو غير مباح، المهم هو البزنسة في كل شيء· قلت·· ماذا سيقول المسؤولون عن هذا؟ كيف سيبررون ما يحدث؟ هل سيقول لنا أويحيى ''الله غالب'' لم نقدر على حماية البلاد من المافيا؟ هل ستكون عند بن بوزيد، الشجاعة حتى يعوض مستقبل خمسون تلميذا منعوا من دخول امتحان البكالوريا بسبب تأخرهم الإجباري الذي جاء نتيجة لغلق الطريق جراء حادث مميت تماطلت السلطات المعنية في إجراءات فتح الطريق؟ قال حماري وهو يتنهد بعمق·· سلطة هذا البلد لا تملك حتى شجاعة المواجهة، بدليل أن لا أحد من هؤلاء صرح ولو تصريحا بسيطا بخصوص كل ما يحدث· قلت·· هل هذا معناه أن نسلم بالقدر ونرضى بكل ما يحدث ونبقى تحت سلطة فاشلة ومسؤولين يصلحون لكل شيء سوى تحمل المسؤولية وتسيير البلاد، أم علينا أن نجد حلا ينقذنا من كل هذا؟ قال ساخرا·· الغريب أننا نحن أيضا نصلح فقط للكلام ولا يمكن لنا أن نفعل شيئا سوى بعض الكلمات الجوفاء هنا وهناك·· نحن نتكلم وهم يفعلون ما يشاءون· قلت·· عوض أن تبدي السلطة حسن نيتها في التعامل مع بعبع الفساد، بقيت صامتة وتركت الأيادي الخفية تتحكم في كل الدواليب وآخرها بزنسة في مستقبل التلاميذ، بزنسة في مستقبل البلاد وعقولها· قال بحزن·· يجب أن تفهم يا صديقي أن الفساد يضر الشعب فقط، أما السلطة فهذا يخدمها ويخدم مصالحها أيضا بدليل أنها لا تكلف نفسها عناء القضاء عليه·