صنع الثنائي الكوميدي سعيد كلاص وعبد الكريم أعراب، سهرة أول أمس، أوقاتا مميزة بالمسرح الجهوي كاتب ياسين بتيزي وزو سادها الضحك والمتعة بعرض مسرحية ''وردية أورزقي'' التي تناولت طبيعة العائلة القبائلية في السلوكيات اليومية والعادات المعيشية، ونقل المشاكل الاجتماعية التي يواجهها الزوجان، بقالب كوميدي هزلي. حققت مسرحية ''وردية أورزقي'' الامتياز والاستثناء من بين كل العروض المسرحية التي قدمت بالمسرح الجهوي كاتب ياسين منذ بداية شهر رمضان، وذلك بالنظر إلى عدد الجماهير المتوافدة لاسيما العائلات، واضطر المسؤولون لفتح الطابق العلوي أمام الجمهور لأول مرة، ورغم ذلك لم يتمكن العديد من المتوافدين من الحصول على مقعد، ما جعل البعض منهم يتابع المسرحية واقفا في أروقة القاعة وآخرون عادوا أدراجهم. وأثبت هذا الإقبال الهائل من الجمهور الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها الثنائي الكوميدي عبد الكريم أعراب وسعيد كلاص بتيزي وزو، الأول تقمص دور ''وردية'' والثاني جسد دور ''أرزقي'' وهو زوج وردية. إنطلقت المسرحية من منزل الزوجين اللذان دخلا في حديث ميزه صراع حاد حول الأمور العائلية والمال والجيران، حيث لم تتقبل وردية سلوكيات زوجها الذي لا يبالي بالعائلة ويعتمد عليها في كل شيء بما فيها المال، لأنه عاطل عن العمل، وبأسلوب كوميدي هزلي استطاع ''أرزقي'' أن يضحك الجمهور بعباراته وحركاته التهريجية، وتفننت وردية في تمثيل المرأة القبائلية الصامدة والقوية التي تواجه كل المشاكل والصعوبات الاجتماعية، حيث زادت من روعة المشهد الأول بعباراتها المضحكة التي تشتهر بها المرأة القبائلية، فضلا عن تلك الحركات الأنثوية الدقيقة والمميزة. تواصل الحوار بين الزوجين بصراع ولوم وتأنيب، وانتهى بطرد وردية لزوجها، وقررت الطلاق، أرزقي رفض الرحيل من المنزل وحاول أن يستخدم قوته ورجولته، لكن وردية سارعت إلى إخراج سلاح الرشاش الذي احتفظت به منذ الثورة التحريرية وهددته بالقتل، وفرّ أرزقي هاربا خوفا من الموت. ومع مرور الوقت شعرت وردية بالوحدة وسئمت من العيش لوحدها، فقد أصبحت تتعرّض لكل أنواع الظلم من طرف سكان القرية لاسيما جارها وابن عمها المدعو مقران الذي ينتظر موتها ليكون الوارث الوحيد لأملاكها. لكن وردية استخدمت حيلة لمواجهة بطش سكان القرية والقضاء عن الوحدة، حيث قررت أن تنشر إعلانا في الصحف والأنترنت للبحث عن زوج جديد لها بعدما رفض رجال بلدتها الاقتراب منها بسبب تسلطها، ونجحت وردية بهذه الطريقة في جذب اهتمام الرجال من مختلف أنحاء العالم، حيث تقرّب منها رجل ألماني من صفوف الجيش النازي، وصياد الأسود من الزيمبابوي وراقص ومغني من الهند ينحدر من عائلة ''جانيتو'' وقائد الجيش الروماني يدعى ''ماكسيموس''، لكن في كل مرة تجد وردية نفسها أمام مشكل إصرار هؤلاء على اصطحابها إلى بلدهم ما يتناقض مع رغبتها في البقاء في بلدها وخدمة أرض أجدادها، حيث فشلت في إيجاد زوج لها، وبقيت وحيدة لمدة عشر سنوات. وقد نجح الكوميدي سعيد كلاص في تقمّص كل الأدوار الرجالية والتحدث باللهجات المختلفة التي مزجها بالقبائلية لإضحاك الجمهور، وصنع الثنائي لوحات فنية فريدة من نوعها بتلك الرقصات الهندية المميزة التي جسدت على الركح وألهبت الجمهور. وفي الأخير، عادت الأمور العائلية إلى نصابها بعد أن قرر أرزقي العودة إلى زوجته طالبا منها السماح بعد أن سئم من التشرد، حيث شعرت وردية بالسعادة والأمان، لأن زوجها عاد ليقهر من جديد الجيران والأعداء. وفي نهاية العرض، استحسن الجمهور القبائلي برمجة مثل هذا النوع من المسرحيات الكوميدية التي تنسيهم همومهم اليومية وتجعلهم يستمتعون بأوقات سعيدة ومضحكة.