عندما كان الشاعر أحمد حمدي يحكي لي بمزيج من الفخر والحسرة موقف الشاعر الجزائري المغتال جان سيناك أو يحيى الوهراني وهو يبحث عن منفذ نور لإنقاذ الشهيد طالب عبد الرحمان من المقصلة، تراءت إلى ذهني صورة شعراء عصر الثورة هؤلاء.. متى، أين وكيف ولمن يكتبون.. كيف لشاعر غير مجنون أن يحتمل هموم الوطن والمثقف وحسرة الاغتراب والنسب المجهول.. كيف كان يجلس هذا “السيناك" أمام ميكرفونه ويداعب أوراقه ويعلن ثورة جسده، وانعتاق روحه، ورفضه الإذعان إلى برجوازية الطفيليين.. فقط شغّل المذياع فتنطلق كلمات يحيى ويأتي الشعر من كل الجبهات.. أومبلا.. كنتُ قريبا جدا منك حتى أني أتحدث عن سعادتي كما نكبة مزروعة في السفينة ها نجمة داخل حلقي تهز المشانق.. لكن أنتِ التي أضمك يا ساقا بلا نسغ يا منفى بلا رفات يا أنت التي لم تكن سوى نار ذاكرة للصلصال يا شعيرتي القربانية لم لا تتحدثين كما من قبل؟ كما من قبل.. ** طوفان فتى لا أعرف منك شيئا سوى ثقل بعض الحبر على رفوف مكتبتي وضجيج الشاحنات المحملة بالحاويات على الطريق اللوح المحدود وثمالة الطفولة حيث جريتني أوه.. حتى لا أدرك شيئا سأناديك حين تطلعين من جسدي وفخذاك الأزرقان يسبحان بسرعة ويضغطان على القصيدة سأناديك.. هذه الكلمات لا يمكن أن يقولها إلا رجل خارق الشجاعة أو شاعر مجنون أدماه الألم فحمل جرحه وراح يفتل المدن ليزرع في الناس الأمل بالكلمة، بالشعر على كل الجبهات.. زهور شنوف an كي تقتلوا فيَّ حرّيتكم. لكن زهرة القنب البرّية لم تٌُولد إلا لتعود في النهاية إلى تربتها الأم. وستعرفون كم أني أموت موتة متفائلة!