عاش سكان ولاية تيزي وزو، منذ يوم الأربعاء الفارط، مرة أخرى على فاجعة مقتل أحد ضحابا الاختطافات التي بددت بهدوء ولايتهم منذ صيف سنة 2005 وإلى غاية يومنا هذا، ويتعلق الأمر هذه المرة بالشاب المرحوم أغيلاس حجو الذي عثر عليه ميتا بأحد شواطئ أزفون. وكان الشاب المختطف قد اختفى عن الأنظار منذ 19 أكتوبر الجاري قبل أن تفكك مصالح الدرك الوطني لغز اختفائه وتوقف ثلاثة أشخاص ثبت تورطهم في العملية. ويعتبر المرحوم أغيلاس ثاني مختطف يتم اغتياله منذ صيف سنة 2005 السنة التي بدأت فيها الاختطافات بتيزي وزو وذلك بعد مقتل مختطف آخر - منذ فترة - يدعى حند سليمانة بنفس الولاية، كما أن اختطاف هذا الشاب - الذي تشير بعض المعلومات إلى كونه ابن مقاول في المنطقة - يعتبر الجريمة ال 71 في مسلسل الإختطافات التي هزت المنطقة منذ السنة المشار إليها. وقد أصدرت محكمة الجنايات بمجلس قضاء تيزي وزو الخميس الماضي أحكاما ثقيلة في حق الأعضاء الرئيسيين لشبكة مختصة في الاختطافات ضمن أكبر قضية أمنية تعرفها الولاية وفق المعلومات الواردة من هناك. لقد شكل صيف سنة 2005 مقدمة انطلاق مسلسل هذه الإختطافات التي طالت عددا من المقيمين في الولاية. وفي الغالب، فإن ضحايا هذه الإختطافات هم من التجار ورجال الأعمال والمستثمرين والمقاولين لكن هذه العمليات الإجرامية طالت أيضا أقارب لهؤلاء، حيث ظل الهدف منها هو نفسه في معظم الأحيان... طلب الفدية مقابل تحرير المختطفين. وتشير المعلومات الواردة من تيزي وزو إلى أن عدد هذا النوع من العمليات الإجرامية بلغ إلى يومنا هذا 71 عملية، وقد ارتبط تنفيذها عادة ولا سيما في الفترات الأولى منها.. بجماعات إرهابية تهدف إلى استغلال أموال الفدية لتمويل نشاطاتها لكن المحاكمة التي شملت عصابة كبيرة مختصة في الاختطافات الخميس الماضي في تيزي وزو أثبتت أن هذه الإختطافات نفذها أيضا مجرمون هم أقرب في نشاطهم إلى سلوك المافيا وجماعات الأشرار من حيث سبق الإصرار والترصد والتنظيم وظروف التعدد واستعمال العنف في اختطاف الضحايا قبل المطالبة بالفدية مقابل تحريرهم. وبغض النظر عن الخلفيات العميقة التي تقف وراء هذه الإختطافات، فإن المعلومات الواردة من تيزي وزو تشير إلى كون غياب وحدات الدرك الوطني عن منطقة القبائل، عقب أحداث الربيع الأسود سنة 2001 هو أمر نتج عنه استغلال عرابي الإختطافات في المنطقة للفراغ الأمني الناتج عن هذه الوضعية لا سيما إذا علمنا أن هذه الوحدات كانت تضمن التغطية الأمنية أساسا في المناطق شبه الحضرية بالولاية، وهي نفس المناطق التي حدثت فيها العديد من عمليات الإختطافات من خلال الحواجز المزيفة مثلا. كما تشير معلومات واردة من تيزي وزو إلى كون المناطق الأكثر تضررا من هذه الإختطافات هي دوائر معاتقة وبني دوالة - لا سيما منطقة بن عيسي - وبوغني وتيقزرت فضلا عن كون هذه الإختطافات تمت كلها وبدون استثناء من خلال استعمال أسلحة نارية وفي شكل يوحي بأن جماعات إرهابية تقف خلفها. والملفت للإنتباه في الموضوع أن هذه الظاهرة الخطيرة - التي أصبحت تشغل بال الرأي العام المحلي في تيزي وزو - قد استنزفت على نحو هائل الإمكانيات الإقتصادية للولاية من ناحية مغادرة المستثمرين ورجال الأعمال وتحويل نشاطاتهم إلى ولايات أخرى على اعتبار أنهم أصبحوا لا يحسون بالأمان في منطقة يتم استهدافهم فيها بالدرجة الأولى من جانب منفذي الاختطافات، وعلى اعتبار أيضا أن الهدف من وراء اختطافهم هو طلب الفدية. وعلى هذا الأساس فإن المعطيات القادمة من ولاية تيزي وزو تشير إلى تسجيل تحويل نشاطات أكثر من 500 مؤسسة نحو ولايات أخرى مع العلم أن حوالي 350 من أصحاب هذه المؤسسات التي جرى تحويل نشاطاتها خارج ولاية تيزي وزو هم من المستثمرين الكبار مما يضرب الحركية الإقتصادية والتجارية بالمنطقة في العمق وطيلة سنوات بأكملها. خلال تشييع جنازة المرحوم أغيلاس حجو الخميس الفارط ساد حزن شديد وسط آلاف المشيعين من المواطنين والسلطات المحلية والمنتخبين المحليين، كما سجل أيضا حضور وزيرة التضامن الوطني سعاد بن جاب الله التي تنقلت إلى أزفون لتقديم التعازي الرسمية لعائلة الضحية باسم الحكومة. ولئن كان هذا الحضور الكبير من جانب مواطني الولاية في جنازة المرحوم أغيلاس حجو يشير إلى مدى تعاطفهم مع عائلة الضحية وتأثرهم البالغ بما حدث، فإن حضور الرسميين يوحي من ناحية أخرى بمدى الإنشغال الموجود لديهم إزاء ظاهرة الإختطافات في تيزي وزو التي تجاوزت كل الحدود وأصبحت تشكل تحديا كبيرا على طاولة المسؤولين السياسيين والأمنيين محليا ومركزيا أيضا.