تتكرر كل مرة المشاهد المأساوية لإرهاب الطرقات لتحصد المزيد من الضحايا، أناس لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا هناك·· هذه المرة الإرهاب الوحشي يقضي على آمال أسرة في ابنها ذي 16 ربيعا· فرحته هو وعائلته لم تكتمل باقتطاع تأشيرة المدرسة الثانوية بعد تمكنه من نيل شهادة التعليم الأساسي بجدارة واستحقاق، جلوسه أمام باب الثانوية منتظرا أن تفتح أبوابها كلفه حياته·· لم يكن يعلم لوقت ليس ببعيد أن الموت يترصد به ليخطف روحه وهي في ريعان شبابها، حادثة أبكت وأسالت دموع كل من عرف الطفل زكي·· الحادثة جرت أمام متقنة المرجة ببراقي البداية كانت -حسب شهود عيان- أمام الطريق المحاذي للمتقنة في حدود الساعة الثانية والنصف بعد الزوال، حيث كانت تمر عبره سيارة نفعية من نوع ''تويوتا هيليكس'' عدة مرات وبسرعة جد فائقة تعدت ال 140 كلم/ سا، وما ساعد على بلوغ تلك السرعة هو الطريق الذي تم تعبيده مؤخرا بعد تكرر شكاوى أولياء التلاميذ من صعوبة بلوغ أبنائهم المؤسسة· وفي الجولة الأخيرة من المارطون ارتطمت السيارة بالرصيف بعد محاولة السائق تفادي أحد المارة أمام الثانوية لتنقلب رأسا على عقب بطريقة هوليوودية باتجاه الفتى الذي كان جالسا على الرصيف المقابل وتطبق عليه· ''زكي محصول'' يلفظ أنفاسه في مستشفى زميرلي بالحراش الفاجعة التي أبقت جميع الحضور في ذهول تام في وقت كان فيه زكي تحت الشاحنة الضخمة التي أدخلته في غيبوبة نقل على إثرها إلى مصلحة الاستعجالات الطبية التابعة لمستشفى زميرلي الكائن بالحراش، ومنها إلى العناية المركزة ليلفظ أنفاسه بعد كل محاولات الأطباء لإنقاذ حياته، بدءا ببتر قدماه، إلا أن نزيفا حادا داخل بطنه ضاعف من حدة الوضع وقلل من فرص نجاته، وفي حدود الساعة الثانية صباحا لفظ الفتى أنفاسه بعد صراع مع الموت انتهى باستسلامه، وقبل فترة من ذلك أكد والد الفتى أنه تمكن من رؤيته في حدود الساعة الواحدة والنصف صباحا وهو على قيد الحياة· الشرطة تلقي القبض على الجاني في ظل تضارب الروايات ألقت الشرطة التابعة لحي المرجة التابع لبلدية براقي القبض على الجاني الذي اعترف باقترافه للجريمة البشعة، لكن شهود عيان يؤكدون أن المدعو ''رضا'' ليس الشخص الذي اقترف الجريمة بل يحاول التستر على أخيه الذي بدوره يحاول التستر على صديقه الذي كان في حالة سكر أثناء سياقة ''الهيليكس''، ويضيف أحد مرافقينا الذي رفض الإفصاح عن اسمه، أن الشخصين اللذان ارتكبا الحادثة هما المدعو حمامة مع آخر يدعى السعيد، هذا الأخير أصيب بعدة جروح جراء انقلاب الشاحنة نقل على إثرها إلى المستشفى، فيما هرب الآخر إلى ولاية سطيف، ولم يعد إلا بعد أن علم نبأ وفاة الطفل زكي· المحكمة تفصل في القضية اليوم تفصل، اليوم، محكمة براقي في قضية الطفل زكي بعد أن قام وكيل الجمهورية بالإفراج مؤقتا عن كل من حمامة والسعيد مع إبقاء رضا في الحبس إلى غاية النطق بالحكم· وبالرغم من أن العدالة ستأخذ مجراها وتعاقب الجاني الذي وضع حدا بطريقة أو أخرى لحياة البرعم زكي، فإن ذلك لن يشفع لعائلة زكي ولن يرده إلى والديه خاصة أمه التي تتواجد في حالة يرثى لها وتفقد وعيها في كل مرة تبحث فيها عن ابنها الذي يرتب في المرتبة الخامسة بين 6 أخوة أكبرهم يبلغ من العمر 27 سنة وأصغرهم 12 سنة· الطرق المحاذية لمؤسساتنا تحوّلت إلى ساحة استعراض السيارات محاولتنا تسليط الضوء على الحادثة التي تعرّض لها الفتى زكي هي محاولة لتشريح الوضع المأساوي الذي آلت إليه مؤسساتنا التعليمية، ليس فقط الثانويات بل حتى مراكز التكوين، الإقامات الجامعية وحتى المتوسطات تحوّلت ساحاتها المحاذية إلى منطقة استعراض لمن هبّ ودبّ من الذين فقدوا عقولهم ولم يعودوا يفرقون بين مؤسسة تعليمية وشارع، فكل شيء مباح مادام لا يتعارض مع شهواتهم، الأمر الذي يحتم حاليا إعادة النظر بجدية في المشكل وكذا مراجعة بعض القوانين التنظيمية بسن مواد تعاقب هذه الفئة التي ما فتئت تشكل شريحة كبيرة من المجتمع، إلى جانب التطبيق الفوري لتلك النصوص، علا وعسى سيحد من هذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعنا· وإن لم نعالج هذه الظاهرة فإننا أمام خطر يهدد أبنائنا ويقتلهم بأبشع الطرق، فمن الاختطاف أمام المؤسسات التعليمية إلى التحرش والمعاكسة إلى الاستعراض بقتل الأطفال وغيرها من الظواهر التي نسمع عنها أو نراها أمام وداخل مؤسسات هي مكوّن مستقبل النشء·