رابح، صادق، علي، أعمر، عمر، أحمد··· أسماء تضاف إلى القائمة الطويلة لضحايا الإرهاب بعد وقوعهم، صبيحة أول أمس، في كمين نصبته مجموعة مسلحة مجهولة العدد في المكان المسمى إغزار اومنشار التابع لبلدية سوق الإثنين، 25 كلم جنوب غرب مدينة تيزي وزو، عندما كانوا متجهين إلى بلدية تيزي نثلاثاء حيث كانوا يشتغلون كأعوان أمن لدى المؤسسة الكندية ''أس· أن، سي لافا لان'' المكلفة بانجاز قنوات توزيع الماء الشروب انطلاقا من ''سد كوديات اسرذون'' بولاية البويرة· ''الجزائر نيوز'' تنقلت إلى عين المكان ونقلت تفاصيل هذا الاعتداء، والتقت بأفراد عائلات الضحايا الذين لم يتجرعوا مرارة الفاجعة التي ألمت بهم· السلفية تختار منعرج المزبلة العمومية لتنفيذ مجزرتها الساعة كانت تشير إلى الحادية عشرة ونصف صباحا عند وصولنا إلى بلدية سوق الإثنين، الحيرة كانت بادية على وجوه كل المواطنين الذين التقيناهم، لم يصدقوا ما يسمعون من أخبار حول هذه العملية الإرهابية التي أصبحت حديث العام والخاص، لنلتحق مباشرة بمكان الاعتداء الذي يبعد بحوالي 5 كلم عن مقر البلدية· وأول ما أثار انتباهنا عند وصلنا إلى عين المكان، هو العدد الكبير من شاحنات الجيش المتوقفة على حافة الطريق بعد شنّ حملة تمشيط واسعة النطاق للغابات المجاورة للمزبلة والتي يتوسطها منعرج كبير يلزم المارة بتخفيض السرعة، وعلى بُعد أمتار فقط منه وجدنا حافلة من نوع ''بيجو بوكسير'' التي انحرفت كلية عن الطريق بعد فقدان سائقها السيطرة عليها مباشرة بعد إطلاق النار عليه في حدود السابعة وعشرين دقيقة صباحا، وإصابته بجروح بليغة، الأمر الذي سهل مهمة العناصر الإرهابية التي قامت بإخراج جثث الضحايا من الحافلة والاستيلاء على أسلحتهم قبل أن تلذ بالفرار دقائق فقط بعد ذلك· أحد المواطنين الذي التقيناه قرب هذا الموقع، أكد أن السائق وجريح آخر قد تم تحويلهما إلى مستشفى بوغني من طرف أحد المارة، في حين بقيت الجثث السبع الأخرى مرمية على حافة الطريق إلى غاية وصول قوات الأمن وسيارات الإسعاف لعناصر الحماية المدنية التي تكفلت بتحويلها إلى مصلحة حفظ الجثث بنفس المستشفى، لنلتقي بمواطن آخر أكد أن كل سكان القرى المجاورة سمعوا صوت الطلقات النارية لكن لا أحد كان يعلم ماذا يحدث بالضبط· وبالرغم من محاولتنا التقرب من الحافلة، إلا أن حملة التمشيط التي شنتها قوات الجيش حالت دون ذلك، لنقرر العودة مجددا إلى وسط المدينة خاصة بعد إخبارنا أن كل الضحايا ينحدرون من دوار سيدي علي موسى الذي لا يبعد بكثير عن مقر البلدية· دقائق فقط بعد وصولنا إلى وسط المدينة، التقينا بجمع من المواطنين قاموا بتوجيهنا للوصول إلى سكنات أهل الضحايا، لنضطر للانتظار قبل وصول سيارة الأجرة التي لم يتوقف صاحبها عن الحديث عن ذلك الاعتداء الإرهابي وعن الضحايا الذين تربطه بهم علاقات صداقة بحكم أنه عادة ما يتكفل بنقلهم نحو القرية بعد عودتهم من العمل· سيدي علي موسى في حداد في وقت وجيز وجدنا أنفسنا وسط قرية تعرقوبت، والحزن باديا على وجوه كل الموطنين الذين كانوا مجتمعين أمام منازل الضحايا الثلاثة لتقديم العزاء لعائلاتهم، لنقصد مسكن الضحية عريبي عمر البالغ من العمر 57 سنة، التقينا بشقيقه يوسف وعلامات الحزن والحسرة بادية على وجهه، أكد أن أخاه عمر وتسعة من زملائه كانوا يشتغلون في مواقع مختلفة في مشروع تحويل مياه سد كوديات اسرذون تجاه المناطق الجنوبيةالغربية من ولاية تيزي وزو، وكانوا يشتغلون بنظام 24/48 وعادة ما يغادرون القرية جماعيا في حدود الساعة السابعة صباحا، وشاءت الأقدار أن يتخلف عن هذا الموعد في ذلك اليوم المشئوم عنصران وينجوان من الموت، أحدهم بسبب وفاة أحد أقاربه والثاني بسبب المرض الذي ألزمه الفراش عدة أيام· وواصل عمر حديثنا معنا مؤكدا أنه سمع الطلقات النارية الأولى في حدود السابعة وعشرين دقيقة، هذا ما أثار الهلع وسط السكان الذين اتجهوا مسرعين إلى موقع الاعتداء غير البعيد عن قريتهم، حيث كانوا متأكدين أن عناصر الدفاع الذاتي قد تعرّضوا إلى اعتداء، خاصة وأن هذه المنطقة شهدت خلال الأيام الأخيرة تصعيدا عنيفا للعمليات الإرهابية آخرها استهداف شرطي بالزي المدني وإصابته بجروح على مستوى الركبة قرب مسكنه العائلي بوسط بلدية سوق الإثنين، ليتم العثور على جثث الضحايا السبع مرمية على حافة الطريق في مشهد مؤثر يؤكد بشاعة الجريمة، حيث تم الاستيلاء على أسلحتهم والذخيرة التي كانت بحوزتهم مع تجريدهم ملابسهم· وحسب المتحدث ذاته، فإن المجموعة الإرهابية التي نفذت هذه العملية لم تترك أية فرصة أمام الضحايا الذين تلقى كل واحد منهم على الأقل ست رصاصات على مستوى مناطق مختلفة من الجسم· العملية تذكّر السكان بمجزرة بترونة سنة 1994 لقيت المجزرة استنكارا كبيرا وسط السكان وكل الذين التقيناهم وسط البلدية، حيث عبّروا عن تضامنهم مع عائلات الضحايا، مؤكدين أن عملية أول أمس تذكرهم بالمجزرة التي راح ضحيتها ستة شباب من أبناء المنطقة سنة 1994 الذين سقطوا في كمين نصبته مجموعة إرهابية على مستوى منطقة ابترونن، والتي قامت بحرق جثثهم داخل العربة التي كانت تنقلهم إلى مصنع النسيج بذراع بن خدة، حيث كانوا يشتغلون· ولم يخف كل المواطنون الذين التقيناهم قلقهم بعد التصعيد العنيف للعمليات الإرهابية خلال الأيام الأخيرة، خاصة وأن المنطقة معروفة بغاباتها الكثيفة، معبّرين عن أملهم في أن تتحسن الأوضاع الأمنية مستقبلا، لأن المنطقة دفعت الثمن غاليا في عدة مناسبات·