إستضاف الفضاء الثقافي "موعد مع الكلمة" التابع لمؤسسة فنون وثقافة أول أمس، بديدوش مراد، كل من أوتودرت عبروس مدير جريدة "ليبرتي" واحميدة عياشي مدير جريدة "الجزائر نيوز"، للحديث عن دور الإعلام في تطوير الفنون، وقد نشط الفضاء الثقافي كل من الشاعرة والمبدعة فوزية لارادي، وبحضور جمع من المثقفين والمهتمين. أبدى عبروس تأسفه الشديد عن ارتباط الوضع الثقافي بالجزائر بالحدث المناسباتي وهذا رغم وجود طاقة إبداعية تمتلك مؤهلات حقيقية لخدمة الثقافة الجزائرية، مؤكدا خلال حديثه، أن هناك مبالغ ضخمة تصرف بطريقة عشوائية خلال هذه المناسبات لكن دون أن تقدم الوجه الحقيقي للثقافة. وقد أرجع المتحدث تدهور الوضع الثقافي بالجزائر إلى أسباب عديدة منها سياسة ثقافية حقيقية ومتكاملة ونقص المراكز الثقافية وانعدام قاعات السينما، مما يؤثر سلبا على تفعيل الحركة الثقافية إلى جانب غياب النقد في المجال الثقافي الذي يؤثر بشكل مباشر على تردي الوضع الثقافي. وقال عبروس، إن الإعلام بالجزائر لا يلعب دوره للترويج للحدث الثقافي، مؤكدا أن الصفحة الثقافية هي أول من يضحي بها بأي جريدة بعد الحصول على الصفحة الإشهارية، كما أن التغطية الصحفية للأحداث الثقافية ليس لها صحفيين متخصصين ببعض الجرائد وإنما يقوم بتغطيتها الصحفيين الجدد الذين ينقصهم التكوين والتأطير حول الكتابة الصحفية. ومن جهته، تحدث احميدة عياشي، عن الدور المهم الذي كانت تلعبه الدولة خلال سنوات السبعينيات لدعم الثقافة الجزائرية، حيث كانت للسلطة آنذاك سياسة واضحة المعالم، فمثلا كان هناك صدورا للعديد من المجالات الثقافية على غرار مجلتا الأصالة والآمال، اللتان كانتا تعتبران أهم منبر فكري فضلا عن الإنتاج السينمائي الذي كان يتميز بلمسته الخاصة إلى جانب وجود مهرجان مستغانم الذي كان يعتبر ملتقى وطني لكل الشباب الذين تحولوا إلى مخرجين وممثلين، إضافة إلى وجود المتابعة النقدية للمسرح والسينما، وقد أكد المتحدث أن هذا الغنى النسبي والتعددية الثقافية التي كانت موجودة في تلك الفترة اصطدمت من خلال انسحاب دعم الدولة لها. وبالتالي منذ سنة 1988 ليس هناك قطاعا خاصا يهتم بالثقافة. وفي السياق ذاته، أبدى احميدة عياشي، تأسفه الشديد كون أغلب الصحف لا تعطي أهمية للفضاء الثقافي وأرجع ذلك إلى العقلية المتحجرة لبعض المسؤولين الذين لا تعني لهم الثقافة شيئا، أما فيما يخص أسباب تردي الوضع الثقافي فأرجعها إلى انعدام النقد الحقيقي إلى جانب غياب الإعلاميين المتخصصين في النقد، فهذا الشيء جعل "الطراباندو" يسيطر على عملية الإبداع الثقافي على وجه العموم. كما تحدث احميدة عن حضور المشهد الثقافي المرتبط بالمنساباتية، حيث قال إن هناك أموالا صرفت بطريقة ارتجالية لكن النتيجة لم تكن في المستوى المطلوب على غرار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية وتظاهرة المهرجان الإفريقي ومؤخرا المهرجان الوطني للمسرح المحترف. كما قدم لمحة وجيزة عن مسرحه الخاص "بلاصتي" الذي يشهد نشاطات ثقافية تقريبا كل عام في تخصصات عديدة وهذا رغم صغر مساحته، كما تحدث عن الطاقات الإبداعية الشابة التي اكتشفها من خلال الفضاء، مؤكدا أن المال ليس كل شيء بالحياة وإنما هدفه ترويج القيمة الجمالية والفنية بفضائه.