واشتعلت الحرائق من جديد في خيمة اتحاد كتاب المغرب· صحيحٌ أن الصمت طال والهدوء عمَّر لسنة كاملة وكأن الفرقاء المتصارعين داخل المكتب التنفيذي خلدُوا لبيات قطبي· أما الأدباء المغاربة فكلٌّ مضى إلى غايته وكأنهم قرروا بشكل جماعي أن يديروا ظهرهم للاتحاد، لإطار كان اسمه اتحاد كتاب المغرب· وأعضاء المكتب استأنسوا هم أيضاً بحياتهم الجديدة، حياة بدون اجتماعات ولا بلاغات ولا ندوات ولا مشاكل مع الفروع ومكاتب الفروع· والصحافة التي تطلق النار في المغرب على الجميع وتشاغب كل المؤسسات كبيرة وصغيرة ضربت صفحاً عن الموضوع (هل صار الاتحاد سيارة إسعاف؟)· هكذا ظل الوضع معلقاً مُستكيناً إلى جموده لأشهر طوال إلى أن ظهرت في الصحافة المغربية قبل أيام قصاصة صغيرة بأكثر من عنوان طريف: (اتحاد كتاب العرب يكرس حالة الانقسام داخل اتحاد كتاب المغرب)، (ثلاثة من أعضاء اتحاد كتاب المغرب في ضيافة معمر القذافي)· طبعاً كان الأمر يتعلق بالمؤتمر الرابع والعشرين للأدباء والكتاب العرب الذي نظمته الرابطة العامة للأدباء بليبيا في مدينة (سرت) الليبية في الفترة المدة ما بين 18و22 من أكتوبر· وكان رئيس الاتحاد عبد الحميد عقار قد بعث رسالة اعتذار رسمية عن المشاركة إلى الجهة الراعية للمؤتمر· إلا أن اعتذار عقار لم يمنع معارضيه داخل المكتب التنفيذي من الاجتماع في رمضان الماضي ليتخذوا بالأغلبية قرار المشاركة، وهكذا تم إيفاد كل من هشام العلوي، مصطفى النحال، مبارك ربيع وعزيز أزغاي إلى (سرت) لتمثيل المغرب في فعاليات المؤتمر وندواته الفكرية والأدبية الموازية· رحلة (سرت) ستعيد الاتحاد إلى الواجهة من جديد· لكن فيما كان المتابعون يتوقعون جدلاً قانونياً حول شرعية مشاركة الاتحاد في مؤتمر اعتذر عنه عقار رسمياً، وتوضيحاً من المشاركين في مؤتمر (سرت) وبلاغا مضادا من الرئيس ومن معه يطعن في مشاركتهم، حصل سيناريو آخر لم يكن في الحسبان· بلاغ مختصر توصلت (الأخبار) بنسخة منه يعلن ما يلي: /قرر المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب، بأغلبية أعضائه، إقالة عبد الحميد عقار من مهامه كرئيس لاتحاد كتاب المغرب /· ورد البلاغ أسباب الإقالة إلى /عدم استعداد الرئيس لحل المشاكل العالقة على مستوى تدبير شؤون الاتحاد/· وأضاف البلاغ أن قرار الإقالة جاء /بعد استنفاذ كل الوساطات التي بذلها رؤساء سابقون للاتحاد لدى عقار من أجل تجاوز حالة الجمود التي يمر منها الاتحاد منذ المؤتمر الوطني السابع عشر، والتي يتحمل مسؤوليتها رئيس الاتحاد وحده/، يؤكد البلاغ· وهكذا واستنادا على الفصلين الثامن والتاسع من القانون الأساسي للاتحاد الذين ينصَّان على أن /المكتب التنفيذي هو الذي ينتخب رئيس الاتحاد/ وعلى أن /المكتب التنفيذي يتخذ قراراته بالأغلبية/ وعلى أن /اجتماعاته تكون قانونية بحضور أغلبية أعضائه/، بادر حسن بحراوي وعبد الرحيم العلام ومصطفى النحال وهشام العلوي وسعيد عاهد إلى اتخاذ قرار إقالة الرئيس في اجتماعهم يوم 24 أكتوبر وذلك في غياب كل من عقار والكاتب العام للاتحاد عبد الجليل الحجمري ومستشاره في الإعلام محمد بودويك إضافة إلى جمال الموساوي أمين المال المستقيل· ورغم أن الأعضاء الخمسة الموقعين على استقالة عقار يشكلون أغلبية عددية من بين تسعة أعضاء الذين انتخبهم المؤتمر السابع عشر لقيادة سفينة الاتحاد قبل سنة من الآن ( يوم 28 نوفمبر من العام الماضي)، إلا أن عددا من الأدباء المغاربة تلقوا إقالة عقار كانقلاب حقيقي، بل إن محمد الأشعري الرئيس السابق للاتحاد سيعتبر قرار الإقالة /ممارسة ملتبسة غير جديرة بمنظمة ثقافية عريقة/· أما عقار ورفيقاه الحجمري وبودويك، وهم بالمناسبة أعضاء المكتب التنفيذي الذين حصلوا على أكبر عدد من أصوات الأدباء في المؤتمر 17 يتقدمهم عقار ب156 صوتاً من أصل ,186 فقد خرجوا بسرعة من صدمتهم ونشروا صباح الأربعاء 28 أكتوبر بيانا يعتبرون فيه /قرار الإقالة مرفوضاً ومُداناً لأنه يفتقد الشرعية التي تؤسسه، ويشكل سابقة غير لائقة بتاريخ تصريف الخلاف وتدبير الاختلاف في جو من الديمقراطية والحوار بعيدا عن واحدية الرأي والشللية اللامسؤولة/، وأضاف البيان الذي تلقت (الأخبار) نسخة منه أن /الإقالة لا شرعية، إذ لا سند لها في نص القانون الأساسي للاتحاد، ولأنها خلافا لما قيل، لم تصدر عن المكتب التنفيذي بل عن بضعة أعضاء في هذا المكتب فقط، يستعدون للاستحواذ بالقوة على اتحاد كتاب المغرب ضدا على قرارات المؤتمر 17 للاتحاد، وضداً على إرادة الكتاب المعبر بحرية وديمقراطية خلال المؤتمر·/ وإذا كان عقار ومن معه قد جددوا في بيانهم الدعوة لمؤتمر عام في أقرب الآجال من أجل انتخاب رئيس ومكتب تنفيذي جديدين للاتحاد، فإن الفريق الآخر قد حسم كل هذه المشاكل في اجتماع الإقالة، حيث تمَّ الاتفاق خلال الاجتماع على أن يتولى الناقد حسن بحراوي مهمة رئاسة الاتحاد على أن يعوِّض الناقد هشام العلوي الشاعر جمال الموساوي في أمانة المال· فهل ستعترف فروع الاتحاد وأعضاء مجلسه الإداري لهم بهذا التدبير وتتعامل معه كأفق جديد قد يخرج الاتحاد من جموده الحالي أم أن الاتحاد قد ولج بهذا القرار المباغت نفقاً أكثر انسداداً؟