اقتربت من مفدي زكرياء وعرفته بنفسي، فرحب بي وسألني إن كانت الجزائر لا زالت تحتفط بنشيد "قسما" كنشيد وطني رسمي، فقلت له طبعا، فارتاح قلبه وبدا على وجهه جذل كبير وقال الحمد الله، الحمد لله... ثم سألني عن السائحي فقلت له أي السائحين، فقال لي الكبير، فتعجبت ثم قلت له، إنه غادرنا منذ وقت، وما أن أتممت كلامي حتى ظهر السائحي الكبير وهو يركض والعرق يتصبب من جبينه، اقترب منه مفدي وسأله، توقف، توقف يا هذا، ما بك، فقال السائحي الكبير أنا هارب، فقال مفدي زكرياء من أين أنت هارب، فقال السائحي أنا هارب من جهنم، لقد أخذني أحد الحراس إلى جهنم عن طريق الخطأ، فالمفروض كان الحارس يريد أن يأخذ أحد السياسيين الذين كانوا في السلطة في الجزائر فظنني سياسيا وعندما حان وقت حسابي، اكتشفوا أنني شاعر ولست سياسيا ... فقال مفدي إذن أنت السائحي، فقال السائحي، نعم، نعم أنا الشاعر السائحي، فرد عليه مفدي، ألم تعرفني؟ فقال السائحي أظن أنني رأيتك من قبل، فقال مفدي: أنا مفدي زكرياء وعندئذ صرخ السائحي الكبير من شدة الفرح وراح يعانقه بحب وعاطفة شديدين..