أيها الشاعر الصعلوك، العربيد، التائه على وجهك في هذه الدروب التي لا تريد أن تنتهي، الإنسان الطيب، الجميل، الحالم أبدا بمخلوقات نبيلة وقصائد تضرم النيران في السراديب وفي الحقول المهملة وفي البيوت المهجورة، ها أنا أكتب إليك.. وها أنا أهنئك بمنصبك الجديد على رأس مكتبة في تندوف، المكان المطرود من جنة الجزائر الكبرى.. تعرف أيها الصديق البعيد القريب أنني فرحت لك فرحا شديدا، ليس لعظمة المنصب، فهو بالتأكيد في نظر الوصوليين ليس بكبير، ولا بعظيم، لكن في نظر الأنقياء والحالمين والمحرومين وكذلك النقيات والحالمات والمحرومات يعتبر عظيما وكبيرا، لأنك ستكون الحارس الأمين للكتاب باعتبارك عاشقا له، محبا لأحبابه وحبيباته.. والأجمل في كل ذلك، أنك قد تجعل من تندوف منارة حقيقية للكتاب وتجعلنا نحتفل بالكتاب وبكل تلك العوالم التي يثيرها ويخلقها ويجعلها كالعدوى الجميلة تنتقل من عقل إلى آخر، ومن قلب إلى آخر، ومن مكان إلى آخر.. نحن نشد على يدك أن تجعل من تندوف وبيدائها القاحلة جنة للكتاب، بحيث يتحول الكتاب في تندوف إلى موعد كبير.. مهرجان القراءة مثلا.. إنك يا أيها الصديق القريب، البعيد ستطرق أرضا طرقها قبلك عملاقان أحببتهما حتى الجنون.. هما المبدع الأسطوري بورخيس الذي جعل من الكتاب مصدرا للحياة وعنوانا للعيش وإشارات لابتكار الفرح والولوج إلى عالم الخلود والسرمدية، والثاني هو الرائع الكاتب والفيلسوف ميشال فوكو الذي قضى عمره، كمستشار ثقافي ومفكر عملاق في المكتبات، فلولا المكتبات، هل كان يتحفنا بأثره الخالد "تاريخ الجنون"؟! سمعت أنك في هذا الصيف تتمتع بصعلكتك عند الأصدقاء والإخوان في مستغانم وتيسمسيلت ووهران والمدية والجزائر، وتمنيت أن ألقاك وأصغي إلى هذيانك وأحلامك وضحكتك الرنانة ذات العمق والثراء الصحراويين.. لكن للأسف أنا بعيدة عن كل هذه المدن في هذه الآونة، لكنني كلي رغبة أن أجدك يوما في تندوف عندما يتحول الكتاب على يديك إلى وليمة جميلة تفرح القلب وتسر الروح والخاطر. مع مودتي المعجبة بك نون الباز