قال محفوظ والحزن بادٍ على ملامح وجهه، إنه لا يفهم ماذا حل بالمصريين، ألم يكونوا شعبا مسالما وصاحب نكتة وروح خفيفة، فكيف تحولوا إلى قتلة بعضهم بعضا؟! كيف نشأت فيهم هذه الرغبة في القتل والتنكيل والانتقام؟! ظل محفوظ يطرح أمامي تساؤلاته وكأنه لا ينتظر مني جوابا.. كان سؤاله طويلا ومتعددا وكأنه سؤال وجودي وأمام حيرة نجيب محفوظ بدا لنا من بعيد شبح طه حسين وهو يسير الهوينى وأول ملاحظة سجلتها أن طه أصبح يرى ولم يعد ضريرا وكان يبدو أكثر حيوية وشبابا مما كان عليه في أواخر أيامه طبعا، لم يكن وحده، بل كان برفقة رجل صموت ينظر حوله، فعرفت عندما اقتربا منا أنه عباس محمود العقاد وانضما كل من طه حسين والعقاد إلى النقاش الدائر حول مصر، فقال طه حسين إنه لا يصدق أن الأخبار التي تصلنا عن مصر حقيقية فهو يشك في حدوثها كل الشك وعندها ابتسم العقاد وقال مخاطبا طه حسين، يا طه، ألا زلت تابعا لديكارت حتى في الآخرة؟!