الرئيس السوداني عمر البشير، الذي كان إلى وقت قريب يلوح بعصاه متوعدا قرار القاضي الأرجنتيني أوكامبو، أصبح فجأة معبود الجماهير الجزائرية والمصرية على حد سواء، والكل يدّعي وصله، وأسراب طائرات ''الشناوة'' و''الكواسر'' و''السنافر'' الجزائرية إلى جانب طائرات ''الأهلاوية'' و''الزملكاوية'' تتسابق على الهبوط في مطار الخرطوم الدولي، في ''الغزوة'' المنتظرة على أرض الحبشة، التي تعيد إلى الأذهان مفاخر عرب الجاهلية في أيام البسوس وداحس والغبراء الشهيرة· حشود الجماهير الجزائرية الذين يشبهون أنفسهم بالرعيل الأول من الصحابة الذين ''حقروهم'' في مكة والطائف، أصبحوا يرددون عبارة ''اذهبوا إلى الحبشة فإن بها بشير لا يظلم عنده أحد''، مع أن أرض الحبشة التاريخية تقع قليلا في جهة الجنوب· والمصريون بدورهم أعدوا العدة لهذه المواجهة المنتظرة على أرض الأحباش وطائرات ''المصرية للطيران'' لا تكاد تتوقف عن الهبوط على أرض السودان، ويشاع أن الفنان الشعبي شعبان عبد الرحيم صاحب لحن ''آآآآآآي'' الخالد يكون قد عدّل قليلا من رائعته ''أنا بكره إسرائيل وبحب عمرو موسى'' للتحول ''أنا بكره الجزائر وبحب عمرو زكي'' ولم يبق لجامعة الدول العربية التي بقي أمينها العام يعاني البطالة التقنية إلا الدعوة إلى قمة عربية طارئة تنقذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يلتقي الجمعان، وقد يلحق حجاج بيت الله الحرام من الجزائريين والمصريين بمواقع المواجهة في أم درمان بعد أن ''يحرقوا'' على قوارب تنقلهم بين ضفتي البحر الأحمر، وكل ''المواجهات'' لا تبعد عن إقليم دارفور الذي يذرف شعبه دموعا ودماء لا يجد من يبكيه، ولا من يواري سوأته وقد بقيت عورة العرب من مشرقهم إلى مغربهم مكشوفة أمام عيون الشعوب·