بما أنك مهتم بالمسرح على المستوى النقدي، كيف تقارب القضايا التي تطرح في العروض المسرحية الجزائرية، وإلى أي مدى تراها مرتبطة بهموم المجتمع؟ للنهوض بمسرح جاد ومتألق، لابد من الغوص بعمق في راهن المجتمع وجس آلامه وآماله، وذلك من خلال طرح المواضيع الحساسة التي تشكل أهم القضايا الساخنة في المجتمع، وعليه فإن الوظيفة الحقيقية للمسرح قبل كل شيء، تتمثل في تجسيد الداء في المجتمع، ثم تشريحه للتفكير بعدها في تقديم الحلول والعلاج المناسب لمكافحة الداء، وعليه المسرح لا يمكن أن يحيا من الوفاء لسؤال المجتمع والناس، وذلك ما يمنحه سلطة الحضور والبقاء· هل استطاع المسرحيون الجزائريون في أن يكونوا بمستوى الحراك الاجتماعي في مختلف المراحل وبالأخص المرحلة الأخيرة؟ هذا أكيد، طبعا بتفاوت، المسرحي الجزائري نجح في التعبير عن آهات مجتمعه، وخير مثال على ذلك ما أنجزه كاتب ياسين وعلولة وكاكي·· من خلال انتقادهم الواقع ولمختلف مظاهر الانحراف في المؤسسات، وبما أن أكثر المسرحين منحدرين من أحياء شعبية، فإنهم عبروا بصدق عن مشاكل مجتمعهم، ولعل ما يشد الانتباه أكثر هو أن الجيل الجديد، الذي يطرح إشكاليات من رحم المجتمع، وليس ذلك بهدف التأريخ، وإنما لخلق جسر التواصل مع المجتمع بلمسات جمالية راقية· بعض المسرحيين يقولون إن التركيز على الأشكال التعبيرية الجديدة ساهم في عدم الارتباط بالنص أساسا، وكذا طرح أسئلة الناس ركحيا؟ أعتبر هذا مجرد إشاعات غير صحيحة، وأتحدى قائلها، لأن ما يطلق عليه البعض الفنون الجديدة، فإنها تنتمي إلى الخطاب المسرحي، المسرح حسب رأيي، ليس خطابا موجها وحسب، وإنما لمسات من الجمال الفني والتي تعتمد على الإكسسوارات والديكور·· وغيرها من أدوات صناعة العرض المسرحي، وعليه أساس نجاح العرض المسرحي هو الخطاب اللساني، إلى جانب الخطاب الركحي الخصوصيات الفنية والتقنية والجمالية·