مازال موضوع حدود الخطاب السياسي في المسرح الإفريقي يثير كثيرا من الجدل بين أوساط المسرحيين والعارفين بأمور المسرح، فكل واحد من هؤلاء ينظر إلى هذا الخطاب ومحدوديته تبعا لتجربته وقناعته الشخصية.ولمعرفة مدى حدود الخطاب السياسي في المسرح الإفريقي اقتربت ''الحوار'' من أبرز الدكاترة المختصين في المسرح على المستوى العربي والإفريقي لاستطلاع رأيهم في الموضوع. الدكتور شمس الدين يونس من السودان الحرية الديمقراطية وأنظمة الحكم شكلت حدود الخطاب المسرحي في إفريقياأوضح الدكتور شمس الدين يونس من السودان أن المسرح الإفريقي بحكم نشأته جاء وافدا كفن وشكل عنصرا ثقافيا في مواجهة الاستعمار، حتى أصبح واحدا من أدوات العمل السياسي المباشر في إفريقيا. وقدم يونس مجموعة من الأمثلة حيث ذكر أن المسرح النيجيري ومن خلال كتابات المسرحيين ويلي واوول شونكا نجد أن معظم هذه الكتابات تتناول العلاقة السياسية بين المستعمر وسكان المنطقة المحليين، كما يتجلى ذلك واضحا، يقول يونس في مسرحية ''الموت والفارس الملك''.هذا وعرج شمس الدين على الوضع المسرحي في السودان كمثال واضح على حدود الخطاب السياسي في المسرح الذي لعب، حسبه، دورا كبيرا في الحركة الوطنية السودانية المناهضة للاستعمار، الأمر الذي جعل المستعمر يصدر قرارا بإيقاف النشاط المسرحي في السودان بحجة أنه خطر على الأمن السوداني، الأمر نفسه حدث في كينيا، يضيف شمس الدين، حيث كان المستعمر يمنع قيام العروض المسرحية على خشبات المسارح. واعتبر يونس أن هذه الأمثلة تبرز مدى العلاقة بين المسرح والسياسة. أما في إفريقيا ما بعد الاستعمار، يوضح يونس ان الحركة المسرحية ظلت متأثرة بالخطاب السياسي تأثرا كبيرا، فأصبح العمل المسرحي يناقش قضايا الهوية، وكان المسرح دائما يقف في وجه بعض الحكومات الوطنية المستبدة التي لم تكن إلا صورة من صور الاستعمار، وبالتالي كانت أهم قضايا المسرح هي قضايا ''الديمقراطية''، الحرية وأنظمة الحكم.وكل هذه القضايا، يضيف يونس، ''شكلت حدود الخطاب المسرحي في جميع الدول الإفريقية وخير مثال على ذلك ما شهدناه منتصف العام الماضي خلال المهرجان الثقافي الإفريقي، حيث تناول أحد العروض المسرحية الجزائرية الخطاب السياسي، يتمثل في حدود الديمقراطية وحدود الممارسة السياسية في الجزائر بكل حرية، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الحرية التي يتمتع بها الفن الرابع في الجزائر في طرح موضوعاته.بالإضافة إلى ذلك لاحظنا كثيرا من العروض الإفريقية كان حدود الخطاب السياسي فيها واضح المعالم، وجميعها يحاول أن يقدم بديلا للواقع السياسي في إفريقيا. الدكتور فضل الله من السودان الوضع الدولي الراهن يفرض على المسرحي الإفريقي حضورا قويا من جهته أكد الدكتور فضل الله من السودان أن الحدود السياسية في المسرح الإفريقي موجودة بقدر كبير، وذلك راجع لطبيعة المسرح الإفريقي نفسه الذي يناقش القضايا الخاصة بالمجتمعات الإفريقية خاصة في فترات الوجود الاستعماري.وقدم فضل الله المسرح السوداني نموذجا، حيث ذكر أن السودان له علاقة وطيدة بالحركة الوطنية، فالطبقة المتعلمة إبان مرحلة الاستعمار اتخذت من المسرح وسيلة لتوغيل الوعي الوطني، يضيف فضل الله. ومن مجموع ما شهدناه في الجزائر من عروض مسرحية في مختلف التظاهرات خاصة المهرجان الثقافي الإفريقي الذي أقيم مؤخرا، يظهر جليا أن السياسة كان لها حضور كبير في هذه العروض، فبقدر ما حاولت هذه العروض أن تلامس الواقع الاجتماعي لامست معه الواقع السياسي، يقول فضل الله، وهذا في تقديري شيء طبيعي لمثل هذه المجتمعات التي تسعى بكل جهدها لوضع حد للاستيلاب الثقافي الغربي.فالوضع العالمي والدولي الراهن، حسبه، يتطلب من الفنان المسرحي ان يكون له حضور قوي لمواكبة ما يحدث على المستوى المحلي والعالمي. مفتاح من ليبيا .. السياسة تشكل 85 بالمئة من المسرح الإفريقي في حين اعتبر الدكتور مفتاح من ليبيا أن السياسة تسيطر على حوالي 85 بالمئة من المسرح الإفريقي، مبرزا أن جل العروض الإفريقية المسرحية تؤثر عليها السياسة بشكل واضح، فهناك خطاب سياسي مباشر ورسائل سياسية أبدع المسرح في تقديمها سواء للساسة أو الجمهور على حد سواء بطريقة متميزة وإبداعية.