كيف كانت مشاركتك في الأيام المغاربية للمسرح؟ لأول مرة أزور الجزائر، وأطلع على الثقافة المحلية بشكل مقرب وحميم، ورأيت عن قرب الميزة الجزائرية في مجال الفن الرابع، فقد كنت أعرف كعراقية معلومات عن المسرح التونسي ومدى نشاطه، واليوم وقفت على ملمح من ملامح الخشبة الجزائرية وهذا مهم جدا بالنسبة لي. ورغم اقتصار المشاركة الجزائرية على فرقتين اثنتين، إلا أننا لا يمكن أن نحكم على مستوى وبعد الممارسة المسرحية للبلد من خلالهما فقط. من جهة أخرى، حضرت فعالية في مدينة تبعد عن عاصمة البلاد بأكثر من 600 كلم، في عمق الصحراء استطاعت أن تحول هذه الرمال والقباب الحجرية الجامدة إلى قباب من الجمال و الروح والانفتاح على دول أخرى، كما فتحت لي باب التعرف على زملاء مثل طوبال زرزور وهارون الكيلاني وفتحي صحراوي، إضافة إلى السيدة التونسية لطيفة القفصي وغيرهم من الأسماء. ماذا عن دورك كرئيسة لجنة، كيف مارست التحكيم بين أعمال متفاوتة المستوى؟ كانت مهمة عصيبة، الكثير من العوامل تتحكم في تقييم الأعمال المشاركة، بالنظر للدعم اللوجستي للمهرجان وطبيعة المسرح غير المؤهل. قد تبدو العروض متفاوتة المستوى كما تقولين، لكنه تفاوت لا يشكل فارقا في رأيي. فقد تجدين عرضا متميزا في التمثيل وآخر في الإخراج، إلا أننا لم نجد عملا قدم صورة مسرحية متكاملة، فحجبنا جائزتها. ولكي لا نقع في فخ الذاتية، ونبقي على مسافة واحدة بين جميع الأعضاء، لجأنا إلى المنطق الحسابي، أو الإحصاء الرقمي، فأعطينا لكل عمل درجات وفق المعايير التي تحدد على أساسها الجوائز. إذ لم توكل جائزة إلا بعد مناقشة عميقة، وكان أعضاء اللجنة حريصين على العمل أكثر من صاحب العمل نفسه. هل يصدق أن تنال مسرحية "تعايش" السعودية ذات المستوى البسيط جائزة التحكيم بينما تتجاهل لجنتك أعمالا أخرى أكثر أهمية مثل "هذيان" التونسية؟ لا بد أن تعلموا أن "هذيان" اشتغل على مسرحة قصيدة، لا أنكر أنه قدم جهودا، إلا أن الدرجات حسمت الموقف لصالح الفرقة السعودية من القصيم، وعندما يأتي التصنيف، تجدين أن تعايش تميز بنقطة أو نقطتين عن باقي الأعمال، كما أننا لم نكن تحكيما لمسرحيات محترفة، بل لأعمال تتراوح بين الهاوي والمبتدئ، ومع ذلك لم يكن التتويج من باب التشجيع، أو توزيع الكعكة على الجميع كما تردد في القاعة وورد في ذهن الجمهور. المشاركون في المنافسة شعروا بأنكم فعلا قسمتم الكعكة حتى لا يبقى واحد جائعا؟ أعتقد أن رد فعل المتنافسين يعكس ثقافتنا العربية التي لا يرضيها شيء ولا ترضى عن كل شيء.. وهي الثقافة التي تفكر بمنطق التوازنات الإقليمية والجهوية؟ لا أبدا، والله لم تخضع اللجنة لمثل هذه الحسابات، ولست مجبرة على القسم، لكن فعلا كان هناك مخرجون أو ممثلون منهم من اشتغل بجد وآخر لا، يشغل الفضاء المسرحي ساعة من الزمن دون أن يشتغل على العمق. النتائج جاءت بشكل طبيعي ولم تكن محسوبة وفق ما ذكرته أو يظنه الآخرون. جائزة الإخراج هي الأخرى أثارت حفيظة المسرحيين، خاصة وأن العمل المصري "فصيلة على طريق الموت" كان فقيرا إخراجيا؟ اقتنعنا بآداء المخرج عفيفي لاشتغاله الجيد على الديكور، توزيع الممثلين على الخشبة، تحركهم المناسب، حاول أن يخلق مفارقة بين منطقتين في المسرح، استغل الفضاء بشكل جيد، وهو ما ميزه على الآخرين. على كل حال كنا نتوقع رد فعل الفرق.. طبيعي أنتم أرضيتم كل الدول المشاركة؟ مثلا مسرحية "خنار" كانت جميلة في آدائها، في ممثليها اشتغلت على منطقة وجسد بينما اشتغلت مسرحيات أخرى على المناطق نفسها ولكن أقل جودة من خنار. هل كانت نقاط "خنار" أقل من "فصيلة على طريق الموت"؟ نعم هكذا جاءت النتائج.