1 بعد خروجه الملحمي، عاد رمسيس الثاني لمصر، مهزوما بالجبروت، غريقا بلا جنود، مومياء، تابوتا آخر يزوره العابرون· وهب رمسيس الثاني لمصر رصيدا من التذاكر و بطاقات السفر· للماء ثورة وللزمن حكمة الأنبياء أرى النيل يغادر مصر، أخذ أمتعته، الأشجار والثمار والأشرعة، رتب خيراته في حقائب التاريخ ورحل· لم يلتفت خلفه ليودعها، كما تفعل يد العشاق عادة، لم يبق بعد النيل سوى رمسيس الثاني وبعض الرفات· عاد إلى أمه، إلى البحيرات البعيدة، إلى طفولته الأولى لعله يجرب بلاغته في مصب آخر أو مسار روحي مغاير· 2 في هذا المكان والزمان حاول قابيل قتل هابيل قال قابيل: لي الحضارة، الفن ،القرار والأبدية، ولك يا هابيل البداوة، السباع، الموتى والترحال· لكن الرب يقبل قربان هابيل وإلى قربان قابيل لا ينظر!! 3 كان دم القربان، خطاب مصر، على وجه الشاشة، مدنسا بالأسئلة التي تقتل سائلها، ثم تجيب القتيلة بالخطيئة الدموية نفسها· لماذا تقتل مصر نفسها مرتين؟ 4 قبل الموعد الرمزي، أعدَ الجزائري في أهازيجه وليمته الجنسية، وأطباق الذكورة الغالية· كان الفعل الايروسي في الشارع يرجح فحولته وقدرته على الإنجاب بعد معدلات الخصوبة الذابلة· الحرب تأنيث للخصم كما قالت الصور واستدعاء لدم العذرية ليلة الفراش· اختار لهذه الليلة عشتار (ليلى علوي) حين سمعها تناديه: جلجامش، تعال امنحني ثمرة جسدك! وقالت أم الدنيا (القربان الأنثوي) في ملحمة أسطورية مفارقة للزمن: أنا إسماعيل الذي قدَر البلاء وسعى وهو مطيع أنا يسوع، أقدم روحي مجددا، فداءٌ للبشر· أنا افيجينيا وتاج العلا، التي لا تخذل الآلهة أنا الناقة ودليل القبيلة في صحراء الأمم آنا مريم وهي تصون عذريتها، ولم يمسسني بشر· مصر نذرت نفسها وكرست روحها للخدمة، كبديل رمزي للذبح· وتضيف الأم كصدفة هجرتها لؤلؤتها: أنا الرمز والطين والنسل والتاريخ والأناشيد أنا الحلال والحرام، القضية واللسان أنا الماضي بلا ابتداء والنهاية بلا انتهاء /أنا/ الضمير المخاطِب، الحي· أماّ: نحن، أنت، أنتما، انتم، أنتن، هما، هم وهن، فقبائل وشتات ونحل· أنا الأم الفريدة، المتفردة، تنجب وتنجب وتجدد خارج العمر خصوبتها، والباقي عقم وبوار· الأب البدائي يرفض الذاكرة والحوادث، يرفض أن يكون تاريخيا· مصر، خاتمة مغلقة كنصوص الإدارة والسجون، سور الموت الدائري، تميمة العرب التي لم تخلّصهم من السبي البابلي· 5 عبرت أحسن القصص مصر، عندما كانت النبوءة تفصل رؤاها على مقام سبع سنوات· أكلت مصر خزائنها وسنابلها ولغة الأيام، وهذا يهوذا، الذي همَت به وهمَ بها، يبيع ابن منظور في سوق الهجين· لسان العرب يجر حروفه العتيقة، وربما تعثرت قدمه بحرف وانتصب الألف فانكشفت عورته! لماذا لا اقصص رؤاي على إخوتي يا أبي؟ أقول هذه النبوءة واصمت: ستدخل مصر دهاليز العنف وأقبية التفكك الداخلي كما قالت السنون العجاف، الطوفان هذا أوانه··· الدورة التاريخية اكتملت· 6 هل أنا عربي؟ لم يطرح طارق هذا السؤال عندما كان قلبه ينبض أمام البحر، جهة الحريق! كان طارق يتكلم لغة قلبه، لغته الأم: الأندلس· 7 عندما كانت الأقلام تكتب أقدار الشعوب، قالت الصحائف: قدرُ الإنسان الجزائري، أن يصارع الأصوليات فيهزمها لك أشواق الحرية أيها الإنسان فازرعها بكرمك حيث تشاء وهذا خروجك إلى أرض الله· ربما سقطت أوهام بمصر و فتحت أبواب·