حدثني أحمد ماضي، أثناء قيامي بتحقيق عن واقع الكتاب لصحيفة عربية صادرة في لندن، أن 15 مكتبة غلقت أبوابها في العاصمة خلال الأعوام الأخيرة، لتأخذ مكانها محلات تجارية ومن بينها محلات الأكل السريع. أخي أحسن، المثقف المزلوط رغم وظيفته الإدارية المحترمة مقارنة بأصحاب الشكارة غير المثقفين اشتكى لي في طريق عودتنا من مخمرة حيث كرم الكاميكاز نورالدين كبير المزلوط الآخر وإبن ياشير التابعة لولاية بورعريريج، مثقفي القرية التاريخية ومن بينهم المؤرخ البشير شنيتي من غلاء الكتب ومن ظاهرة فشل مشاريع مجانين الثقافة والكتاب بوجه خاص الذين يغامرون بفتح مكتبات في بلد الشعب الذي يقبل على كل شيئ ويستهلك كل ما يباع من مواد غير فكرية في زمن الطفيلية الكومبرادورية والوحشية الجزائرية. تركت أخي قبل عودتي إلى باريس حزينا، بسبب ما عشته وشاهدته وسمعته في طرقات الموت والوسخ والتدني الأخلاقي بكافة اشكاله، بعد مكتبات العاصمة، غلقت مكتبة آخرى في مدينة عين طاية الساحلية الشرقية الجميلة على بعد أمتار من ساحة البلدية، وكان السبب بحسب أخي الجايح، عدم إقبال الناس على مكتبة رائعة تخصصت في بيع الكتب المتعلقة بالتاريخ والحضارة. أضاف أخي، أن الزوج المريض الذي فتح المكتبة بحسب بعض المعلقين الفارغين شغل، قاوم حتى آخر لحظة وهبط الريدو في الأخير مكرها خوفا من الإنقراض، وردا لتهم قد تطال صحتهم العقلية كما حدث للجزائري الذي شوهد يركض في الصباح الباكر ممارسا رياضته المفضلة. خلافا لما يحدث في بلدي، بادرت كليمانس ماتيو إللي ما طارلهاش القرمود بتأسيس "روسيكليفر" أو تحويل الكتب في مدينة بوردو وفي مدن فرنسية أخرى ومن بينها باريس، تتنقل مؤسستها الخيرية إلى منازل الفرنسيين لتأخذ كتبهم المقروءة قبل إعطائها حياة ثانية من خلال بيعها لجمعيات خيرية تعنى بمحاربة الأمية بأثمان رمزية. مونيك البالغة من العمر 65 عاما، إكتشفت الظاهرة الفريدة من نوعها في العالم حينما رأت شاحنة كليمانس البنفسجية الكهربائية تمر في حيها مزودة بجيروفير ينبه المواطنين الذين يريدون دخول الجنة على طريقتهم بفعل خير لا يعرفه العالم الثالث الإسلامي والعربي. أعطت مونيكك مجنونة القراءة كل كتبها لكليمانس، بعد أن احتفظت بها عدة أعوام رافضة فكرة رميها: "إنها ذاكرتي الشخصية والفكرية والعاطفية فهل ترمى الذاكرة؟ أحبس رأسي يا مرشحي العهدة الرابعة.. هل فكر أحدكم في حث الجزائريين على القراءة؟ ربما ياسمينة خضرا..