فتح المؤرخ محمد عباس النار على المجاهد ياسف سعدي، بعد تصريحاته الأخيرة التي اتهم فيها الشهيد العربي بن مهيدي بأنه لم يطلق رصاصة واحدة ضد المستعمر، موضحا أن الثورة الجزائرية رغم عظمتها، إلا أنها ولدت ثورة مضادة على نطاق واسع. كما أعاب على السلطات عدم دعم المؤرخين في أبحاثهم، متهما الدولة باستغلال التاريخ لأغراض سياسية. أعتقد أن هناك مادة تم إقرارها في الدستور الأخير بشأن حماية رموزنا وشخصياتنا التاريخية، ولكن، في حقيقة الأمر، أستبعد أن يكون هناك قانون قد صدر في هذا السياق. ولكن، في كل الأحوال، كل بلدان العالم تسهر على حماية رموزها التاريخية. أما عندنا، مع الأسف، لا نعطي أهمية لرموزنا. قبل أن أجيب على سؤالك، أود أن أسالك من ستخدم هذه التهم الخطيرة؟ في كل الأحوال، ليست الأسرة الثورية، ولكن أقول لك إن هذا النوع من الكلام يخدم أكثر أعداءه الذين يصفونه بأنه لم يقم سوى بعملية وحيدة طوال الثورة كلها. هذا الرجل فقد عقله، لم يعد يدري ما الذي يقوله. أمر خطير أن يتهم العربي بن مهيدي أحد أكبر رموزنا التاريخية. يجب معرفة أن هذا البطل العظيم كان مدربا عسكريا كبيرا، ليس فقط في الولاية التاريخية الخامسة، ولكن ساهم أيضا في تكوين الجيش المغربي خاصة في منطقة الريف. بن مهيدي شارك في هجوم أول نوفمبر، كان سياسيا كبيرا، وعسكريا محنكا. هذه الانتقادات ليست جديدة، فقد أصبحت، مع الأسف، منطق السلطة وليس الدولة. إنها سياسة وزنين وخطوتين، يتم تبنيها اليوم من طرف النظام القائم، الهدف منها، طبعا، فرّق تسد، الأمر الذي يسمح له بالحفاظ على امتيازاته. سياسة فرق تسد وزرع الفتنة بين السكان قد "تم تضخيمها" منذ وصول بوتفليقة إلى سدة الحكم. باختصار، المعادلة هي أن ثورتنا كانت عظيمة، ولكن هذه الثورة ولدت ثورة مضادة على نطاق واسع. إعادة كتابة تاريخنا أكثر من ضرورة. يجب أن تكون لدينا روايتنا الخاصة، وخصوصا لا يجب أن نقتصر على الرواية المقدمة من طرف الفرنسيين. صحيح أقول لك إن هناك جهودا مبذولة وأبحاثا جارية دائما، ولكننا نشجب عدم دعم السلطات المعنية. الدولة تريد استغلال التاريخ لأغراض سياسية، بدل تشجيع المؤرخين على إجراء أبحاثهم، لأن كتابة التاريخ عملية أساسية. نشجب هذه السياسة التحريفية، إضافة إلى فشل السلطات المعنية في إعادة كتابة تاريخنا. ولكني أؤكد لك أمرا: لا أحد يستطيع أو ينبغي له أن يشوه تاريخنا. وبالتالي، يجب تشجيع وترك المؤرخين يقومون بعملهم في البحث.