احترق الماء.. وسالت من بين شقوق الذاكرة أغنيات لطيور الوهم ارفع ستار النار وهذا الوجه الشاحب للوقت واطعن بالانتظار سلالات العجل. تسلل كقطرة خجل تسكن وجه صبية سحبت كل أنفاسها فتجمعت عند حلقها أوتار ورطة.. وأغلال متاهة. يساورك الشك الملتحف ألوان الأسئلة للسؤال نكهة السراب ورائحة السفر إلى حيث تتعرى الحدود من المعالم رتب كلماتك الآن حتى تخرج سالما من خندق الصمت المفخخ بخرافة الحكمة رتب كلماتك على سلم فوضى تناسبك ولتموت أنت ويبقى حرفك قف على شفا قصيدة لا تخف.. في السماء براعم الوحي تكبر تصير رسالة نبوة جديدة عندما تلبس تأمل الأنبياء وأمانة الرسل ستغتنمك الفرصة لتصبح شاعرا يوحى إليه لكنك - لا تخف - ستنطق عن الهوى وتفتح باحات الشك والأسئلة وتبني للخراب مقاما يخلدك وللحزن واحة تشهد على جذورك الضاربة في عمق الأبجدية. لا تخف.. ستصير نبيا واقفا على عرش الكلام وتمطر سحائب أصابعك رؤى وآيات جديدة لكنها - لا تخف - منطوقة عن هوى وحرفك الخالد.. سيمرق في شوارع المدن التي تتقن البكاء والمواساة ليعلق انتصاراته وخيباته على أجنحة الساعات المنقضية.. حرفك المولع بالدهشة سوق يمضي.. مخلفا من الحرائق.. ما يكفي لإشعال سطورك الصامتة. لا تخف.. الماء.. نحن كلنا.. وكلنا وجع مكدس ممدد على جسد الطريق.. وفنارات الريح تذهب بلا رجعة بنا كلنا.. نزوة عابرة. نشوة الغناء تدق نعش العبث ومسامير الألم ترقص في ساحة جسده سحب وجه الشمس عنه ودقق فيما حوله النظر.. في الظلام أحيانا تكشف عوراتنا.. تحرّر كلحن هارب عائد في الصدى وابتسم عندما ترى ترنيمات المطر تعكس وجهتها وتسقط إلى أعلى الغيم متكئي الآن على أمنية والريح تهدهده يحترق الماء وترتفع قطرات الحلم إلى أسفل. الموج كالغضب.. يأتي هائجا في ثنايا سخطه تخبأ جثث المغرر بهم واللوم ذاكرة الانتقام أبحث عن لحظة صفاء خارج تخوم النار واسمع السحاب وهو يغني للكمنجات الحالمة.. تحت ضوء القمر أغنيات اللون التائه في المدى. اصفع وجه الريح ورتل ألوانك القاتمة سيرحل حزنك الباهت إلى ظل الأبد لا تخف.. سيكون وجهي معك في أوردة الساعات الحزينة. يمر الوقت خجولا عاريا.. من ثوب العجل مواعيد الغد.. قد لا تأتي وهذه اللحظة لن تنقضي خرب الأسى فوضى الذكريات وأحرق دفتر الماء واحتال على أمنيات الصبايا اللواتي جلسن على مقعد الحلم والانتظار وصفق لكل المهازل التي حدثت ولكل الخيبات التي أورثتنا الأسف ولكل النحيب الذي على وقعه رقصنا طويلا. الكون مضطرب حولك وتحت جناحيك ترقد عصافير الخوف لن تهدأ.. حتى يرحل بك قرع الطبول إلى حيث تجدني وأقابلك.. وعلى جبيني الشمس نامت للحياة في وجه الأسى طعم الخبز المحروق ورائحة الموت بحفنة ذنوب هذا ماء الندم لن يغسل أسفك فتوضأ بشظايا النار وارشف قليلا من الحسرة كي يتغير في حدود معصمي لونك وتعود طفلا شقيا يبعثر بالورد كل الهدايا ويسدد عينيه صوبي ويركع كل اللغات أمامه ويفرغ كل الكلام من معناه إلا كلامه. ولحن.. كنت تغنيه لي عندما يشحب وجه القمر وتتربع دوائر اللقاء ويتغير لون الماء الصاعد من كفيك النازل في شراييني هوسا بلون وجهينا. عنابة 2007 *عن ديوان "هوس بلون وجهي" للشاعرة كنزة مبركي، دار فيسيرا 2013