يفصلنا، اليوم، أقل من 10 أيام عن انطلاق أهم حدث كروي عالمي، المتمثل في نهائيات كأس العالم 2014، في طبعتها العشرين، التي ستعطى ضربة انطلاقتها يوم الجمعة القادم، 12 جوان، بملعب "آرينا كورينثيانز"، بساو باولو البرازيلية، الذي سيحتضن المباراة الافتتاحية بين المنتخب البرازيلي، البلد المنظم، ونظيره الكرواتي. ويشارك المنتخب الوطني الجزائري في العرس الكروي للمرة الرابعة في تاريخه، بعد 1982، 1986 و2010، والثانية على التوالي، ممثلا وحيدا للكرة العربية، بعد طبعة جنوب إفريقيا 2010. من يتجول في شوارع العاصمة، لا يشاهد أي تحضيرات أو أجواء احتفالية توحي بأن المنتخب الجزائري يشارك في مونديال البرازيل، فعكس ما كان عليه الحال سنة 2010، حين استمرت الأجواء الاحتفالية أكثر من 6 أشهر، من ما قبل المباراة الفاصلة أمام مصر، في أم درمان، إلى غاية حلول موعد النهائيات، فإن الأمر مختلف هذه المرة، حيث لا الأعلام الوطنية تزين شرفات العمارات أو السيارات، ولا الأغاني الممجدة للمنتخب الوطني تدوي مختلف الأماكن، ولا المواطنين، خاصة فئتي الشباب والمراهقين من الجنسين، يرتدون أقمصة المنتخب الوطني، حتى الحديث العام يكون عن أخبار المنتخب فعلا، ولكن ليس بنفس الحماس الذي كان في 2010، باستثناء الحديث عن التحضيرات، وعن المباراة الودية التي لعبت أمام أرمينيا، يوم السبت الماضي، أو مباراة أمس الأربعاء، أمام رومانيا، وهذا ما لاحظته "الجزائر نيوز"، خلال جولتها بمختلف شوارع العاصمة، أمس. من يتذكر أجواء مونديال جنوب إفريقيا، وتأهل الخضر إلى العرس الكروي بعد 24 سنة من الانتظار، فإنه، حتما، يتذكر كيف كانت الأغاني الممجدة للمنتخب الوطني، على كثرتها، تدوي في كل مكان؛ في المطاعم، والجامعات، وفي البيوت، ومن السيارات، وعلى شبكة الانترنت، وليس الأغاني فحسب، بل حتى مقاطع الفيديو المركبة، حيث أن المونديال السابق قدم إلى الجمهور وجوها جديدة لم تكن معروفة آنذاك، على غرار الشابة صونيا، إبراهيم "إربا إربا" وغيرهما. ولكن هذه المرة، وقبل أسبوع ونيف من انطلاق النهائيات، لا يوجد أي نوع من هذه "الإبداعات"، بمناسبة الحدث، بل حتى الأغاني الموجودة في السوق، هي نفسها التي كنا نسمعها بمناسبة المباراة الفاصلة أمام بوركينافاسو، على غرار "ديو" مجموعتي "تورينو" و«ميلانو" مع الشاب خلاص، والتي تعود إلى كأس إفريقيا الماضية 2013 بجنوب إفريقيا، أو الأغاني التي تم إنتاجها بمناسبة المونديال السابق، أو حتى التصفيات المؤهلة له، وهو ما أكده لنا محمد، بائع أقراص CD وأشرطة K7 بشارع حسيبة بن بوعلي. وبرر لنا حمزة، بائع آخر بساحة أودان، والذي أكد بدوره أن بيع الأقراص الخاصة بأغاني المنتخب ليس بتلك الكمية التي كانت تباع في كأس العالم السابقة، وأن الأمر "مختلف عن طبعة جنوب إفريقيا، ففي 2010 تأهل المنتخب الوطني بعد 24 سنة من آخر مشاركة له في كأس العالم، بحيث كان أغلب الجزائريين، وخاصة نحن الشباب، إما لا نتذكر مونديال المكسيك، وإما لم نكن مولودين أصلا، وبالتالي، كنا شديدي الشوق لرؤية منتخبنا الوطني يشارك في كأس العالم بعد كل ذلك الغياب، أما اليوم -يضيف محدثنا- فإنه تأهل للمرة الثانية على التوالي، أي أن تأهله أصبح عادة"، على حد قوله، وهو الرأي الذي شاطره فيه زميله سليم، بالمحل نفسه، الذي وصف الأمر بأنه "طبيعي". وعلى غرار الأقراص الخاصة بالأغاني الممجدة ل "محاربي الصحراء"، فقد سجلنا، خلال جولتنا، غيابا شبه تام للطاولات المخصصة لبيع الأقمصة والأوشحة الخاصة بالمنتخب الوطني، والأعلام الوطنية، ففي 2010، كانت هذه الطاولات موجودة في كل الأماكن التي تجولنا فيها، أمس، من "ميسونيي"، إلى شارع العربي بن مهيدي، إلى بلكور، مرورا بحسيبة وأول ماي، فالأبيار، باستثناء بعض الطاولات التي وجدناها بمحاذاة سوق الأبيار، ميسونيي وبلكور، حيث عبر لنا رياض، صاحب طاولة بالأبيار، عن وجود بعض الصعوبات في بيع بضاعته، "لأن الأجواء ليست بذلك الحماس الذي كان قبل أربع سنوات"، على حد قوله، أما لمين، صاحب طاولة بميسونيي، فقال لنا "رغم أن الكثير من الجزائريين متفائلون بإمكانية المرور إلى الدور الثاني، بالرغم من صعوبة المجموعة التي وقعنا فيها، إلا أن الإقبال على شراء الأقمصة أو الأعلام ما زال ضعيفا"، وسار عماد، بائع ببلكور، في الاتجاه نفسه، عندما قال "ربما ينتظرون قرب المونديال حتى يبدؤوا في شراء المقتنيات"، وهو الرأي نفسه الذي وجدناه عند حمزة م. مسؤول محل "بيما" للألبسة الرياضية، بشارع العربي بن مهيدي، الذي أكد، عكس سابقيه، أن "بيع الأقمصة الخاصة بالمنتخب الوطني موجود والإقبال عليه لا يوجد أي إشكال فيه"، معترفا أن الإقبال عرف تراجعا، في المدة الأخيرة، "وهذا أمر طبيعي - يقول المتحدث- فالكثيرون منشغلون إما بامتحانات البكالوريا أو "البيام"، أو بامتحانات نهاية السنة، ولا شك أن في الأيام القادمة سيعود الإقبال على شراء أقمصة المنتخب، تزامنا مع قرب المونديال". من جهتها، فإن المقاهي والمطاعم ومحلات الوجبات السريعة، ما زالت، هي الأخرى، لم تحسم أمرها بعد في التحضير للمونديال، خاصة مع غلاء سعر أجهزة الاستقبال الخاصة بباقة "بي إن سبورت" القطرية (الجزيرة الرياضية سابقا)، وعدم بث التلفزيون الجزائري لكل المباريات، خاصة مع لعب المباريات في نهاية اليوم (انطلاقا من الخامسة مساء)، وتستمر إلى غاية منتصف الليل في الدور الأول، حيث أكد لنا عدد من أصحاب محلات الوجبات السريعة أو المطاعم أنهم ما زالوا لم يحسموا أمرهم بعد، ففي حالة عدم بث المباريات، "فسنخسر بعض الزبائن، خاصة الشباب الذين يفضلون المشاهدة الجماعية"، على حد قول مراد، صاحب "فاست فود" بشارع أحمد بوقرة، قرب الأبيار، وفي حالة بث المباريات لاستقطاب الزبائن، "فسنجد أنفسنا مضطرين للسهر إلى غاية وقت متأخر من الليل، حتى تنتهي المباريات ويغادر الزبائن، ثم ننظف المحل لنغلق"، يضيف المتحدث. وبخصوص أجهزة الاستقبال الخاصة بباقة "بي إن سبورت"، فقد عرف بيعها انتعاشا في اليومين الماضيين، خاصة مع توقف بث قنواتها على "الساتل" وانتقال البث إلى أجهزة الاستقبال الخاصة بها، انطلاقا من 1 جوان الجاري، حيث أكد لنا نبيل بائع أجهزة استقبال بشارع أحمد غرمول، بضواحي أول ماي، أن البيع "عرف انتعاشا كبيرا، خاصة في اليومين الأخيرين، حيث أصبحت الأجهزة تطير"، على حد تعبيره، مقللا من شأن غلاء السعر الذي يتجاوز 30 ألف دينار مع كأس العالم، قائلا "الجزائريون يشتكون فقط، ولكن في النهاية يذعنون للأمر الواقع ويشترون دون مشكلة". الحديث العام عن كأس العالم قليل مقارنة ب 2010 هذا وقامت "الجزائر نيوز" باستطلاع رأي لمعرفة استعداد الجزائريين للحدث الكروي العالمي، غير أن النتيجة العامة التي توصلنا إليها تبين أن الحديث العام عن مونديال البرازيل، والمشاركة الجزائرية للمرة الثانية على التوالي، كممثل وحيد للكرة العربية، ليس كما كان عليه الحال في مونديال جنوب إفريقيا 2010، حيث وصل الجزائريون، آنذاك، إلى حد المبالغة، والتوقع بأن المنتخب الوطني سيصل إلى ربع النهائي، وربما نصف النهائي، بل حتى أن الكثيرين كانوا يمنون النفس بالوصول إلى المباراة النهائية، والتتويج باللقب العالمي، غير أننا هذه المرة، وعند اقترابنا وسماعنا للحديث الدائر بين مختلف الأشخاص، فإنه يكون عن المنتخب الوطني وأخباره، ولكن ليس بنفس الحماس الذي كان قبل أربع سنوات. وأرجع جل من تحدثنا إليهم الأمر إلى صعوبة المجموعة التي وقع فيها الخضر هذه المرة، مع بلجيكا، روسيا وكوريا الجنوبية، وهو حال حميد، الذي كان جالسا في مقهى قرب البريد المركزي، الذي قال "لنكن واقعيين، المجموعة التي وقعنا فيها هذه المرة أصعب من مجموعة 2010، وبالتالي، ليس لدينا ما نطمع فيه"، مضيفا "صحيح نأمل أن يحدث لاعبونا المفاجأة، ولكن الأمر ليس سهلا"، أما صديقه محمد، فقال "في 2010، كنا متشوقين للتأهل إلى كأس العالم، بعد غياب طويل، وعندما تحقق حلم التأهل إلى المونديال، تحول الحلم إلى حلم التأهل إلى أدوار متقدمة، ووصل الأمر بالبعض إلى الحلم بالتتويج باللقب، وهذا يعكس أي شوق كان يخبئه الجزائريون لرؤية منتخبهم في المحافل الدولية، أما الآن -يضيف- فقد تأهلنا للمرة الثانية على التوالي، فالأمر مختلف نوعا ما، لذلك، من الطبيعي أن نتحلى بالواقعية، خاصة مع صعوبة المجموعة". ولم يخف البعض الآخر، ممن تحدثنا إليهم، تفاؤله بقدرة المنتخب على التأهل إلى الدور الثاني، على غرار سفيان، الذي أبدى تفاؤله، قائلا "حتى وإن كانت بلجيكا أدت مشوارا جميلا في التصفيات، وتزخر بعدد من اللاعبين الممتازين، على غرار هازار، لوكاكو، كومباني وكورتوا، إلا أن كل شيء ممكن، فنحن أيضا أدينا مشوارا طيبا في التصفيات، وفي المباراتين الوديتين السابقتين، أمام سلوفينياوأرمينيا، وبالتالي، يجب أن يلعب فريقنا دون عقدة، ولا يعطي المنافس أكثر من قيمته".