مواصلة لوتيرة الأفراح التي تنفرد الساحرة المستديرة بصنعها كل مرة بعفوية كبيرة عادت ألوان الراية الوطنية (الأبيض والأخضر والأحمر) بقوة إلى الساحات العمومية لتطغى وتسيطر بصورة جميلة، ومتناسقة على مختلف الأسواق والواجهات والمحلات، والشرفات وكذا السيارات. يحدث هذا عشية انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم، حيث لا يختلف اثنان بأن ألوان الراية الوطنية التي زادت ترسخا عند الجزائريين بكل اعتزاز وفخر منذ موقعة 18 نوفمبر تاريخ تمكن المنتخب من التأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا 2010 وبعد أن ركنت لراحة نسبية في الأيام الماضية، عادت مجددا إلى الواجهة لتنبه من لم ينتبه بعد إلى أن أفراح الخضر ستنطلق بعد ظهيرة اليوم تزامنا مع المباراة الأولى التي تجمع منتخبنا الوطني بنظيره المالاوي على الساعة (14.45)، ويتعين على الجميع إعداد العدة لذلك. العاصمة كلها بألوان »الخضر« المشهد بألوان »الأبيض والأخضر و الأحمر« في كل الأسواق، وبأرصفة مختلف أحياء العاصمة الواسعة منها والضيفة أصبح بإمكان المتجوّل عبر أزقتها ملاحظة الكم الهائل من المنتوجات المعروضة بألوان العلم الوطني، فكل ما يخطر على بالك من مستلزمات يمكنك أن تقتنيها هذه الأيام بالألوان الوطنية بمختلف الإحجام التي ترغب فيها. وفي ساحة الشهداء أحد الأحياء العريقة بالعاصمة يجد المتجول صعوبة في اختيار الطاولة أو »الطابلة« التي يتوقف عندها، هذه الحيرة كانت واضحة على محيا »الحاجة زهرة« التي كانت مغلوبة على أمرها وهي تحاول اقتناء قميص لحفيدها باسم مدللهم »كريم زياني«، في الوقت الذي ألح فيه هو على بذلة رياضة للمنتخب الوطني، ورغم المأزق الذي كانت توجد فيه الحاجة زهرة إلا أن البائع لم يسهل عليها الأمور، بل زاد من حماسة الطفل الذي كان يردّد بإلحاح قائلا: »أشريلو له يا يما« هذه الفرحة لا نعيشها كل يوم ولا شيء يغلى على الجزائر مادام يتعلق الأمر بالألوان الوطنية، وحب الوطن. أقمصة سعدان وروراوة مطلوبة ب »بلكور« مشهد »ساحة الشهداء« يكاد يتكرر في كل مكان لأن السلع المعروضة أصبحت موجهة لكل شرائح المجتمع، وليس لجمهور كرة القدم فقط، فكل الجزائريين اليوم وبمختلف شرائحهم يرغبون في حمل شيء يرمز إلى وطنهم ومنتخبهم وهو الأمر الذي أكده البائع الشاب »نبيل مرازقة« في شارع بلكور العريق عندما قال: »نحن اليوم نبيع للجميع، شباب وشابات وأطفال وعجائز، وشيوخ... فالكل سواسية في حب الجزائر«، وعن إقبال الناس على هذه المنتوجات أضاف المتحدث »إنه إقبال كبير وكل واحد حسب إمكانياته والنوعية التي يريدها. فهناك من يشتري قميص ب 500 دينار، وهناك من يشتريه ب 200 دينار والقاسم المشترك بينهما أن كلا القميصان يحملان اسم لاعب المنتخب الوطني وبألوان الخضرا«. وفي رده عن سؤال آخر يتعلق بأكثر الأسماء المطلوبة لعناصر المنتخب من قبل الزبائن، أكد المتحدث بلهجة حماسية: »كل الأسماء مطلوبة... فحتى لو وجدوا أقمصة باسم سعدان أو روراوة كانت حتما ستباع، فكل ما يرمز للفريق الوطني اليوم مطلوب بدءا من الأعلام والأقمصة والبدلات الرياضية ووصولا حتى للأوشحة والشارات التي توضع على معصم اليد وملصقات السيارات«. وغير بعيد عن شارع بلوزداد، بلكور سابقا، وتحديدا بحي »العقيبة« العتيق كان المشهد ناطقا، من خلال تفنن البائعين في عرض بضائعهم المتنوعة، فالحدث أكبر من أن يمر دون اهتمام حسب الصديقين »سليم دلالة« و»بلال محروقة« اللذين أكدا أنه »زيادة على المكسب المالي المرجو من عملية البيع، فإننا نجد متعة خاصة في بيع المنتوجات التي ترمز للمنتخب الوطني«. وفي هذا السياق أوضح الصديقان رغم البطالة التي يعانيان منها أن أقصى طموحاتهما لعام 2010 تبقى تتمثل في »عودة المنتخب الوطني بالتاج الإفريقي من أنغولا وتقديم رفاق عنتر يحيى لمردود مشرف في نهائيات كاس العالم 2010 بجنوب إفريقيا... فنحن شعب يتنفس كرة القدم وكل مشاكلنا اليومية تذوب أمام فرحتنا بانجاز منتخبنا الوطني«. فلسطين.. دائما في القلب ولأن الشعب الجزائري لا ينسى، ولم يتخل أبدا عن قضيته »القضية الفلسطينية« فإن الكوفية الفلسطينية المزينة بالعلم الوطني مطلوبة كثيرا من قبل الجمهور الجزائري الذي وجه من خلاله رسالة تقول: »أفراح الجزائريين لن تنسيهم قضيتهم الكبرى وان فلسطين في القلب«. وزيادة على الألبسة والمستلزمات الرياضية وحتى غير الرياضية المزينة بالألوان الوطنية عرفت الأغنية الرياضية في الآونة الأخيرة انتعاشا منقطع النظير، في محلات بيع الأشرطة يلاحظ أن الأشرطة أو الأقراص المضغوطة المخصصة للاغاني الرياضية تباع »مثل الخبز« مثلما خلص إلى وصفه أحد الباعة بشارع حسيبة بن بوعلي هناك طلب متزايد على شريط الأغنية الرياضية حتى تلك الأشرطة الخاصة بفرق شابة هاوية غير معروفة المهم أن تكون تتغنى بإنجاز »الخضر« لتباع بسهولة، وأضاف المتحدث أن الأغاني الرياضية أصبحت تردد من قبل الصغير قبل الكبير، خاصة تلك التي دونت الحماس الذي ميز أمام نظيره المصري في المباراة الفاصلة بتاريخ 18 نوفمبر من العام المنصرم. ولأن الحدث كبير والأمل أكبر فإن الحمل سيكون أكبر على الناخب الوطني رابح سعدان وكتيبته في موعد أنغولا حيث سيسعون خلاله إلى تأكيد أحقيتهم في اكتساب تأشيرة المونديال، وبتمثيل كل العرب في العرس العالمي بجنوب إفريقيا 2010