تبرز التسجيلات الأخيرة للتنظيم الإرهابي المسمى بالجماعة السلفية للدعوة والقتال والذي يحمل عنوان ''الحق بالقافلة'' من خلال ما يسمى بتسجيلات ''الأندلس''، الناطق الإعلامي للتنظيم المسلح، فشله في تفعيل الحرب الدعائية التي يراهن عليها تنظيم عبد المالك درودكال بسبب تراجع عمله المسلح بشكل لافت في الفترة الأخيرة· وظهر التنظيم الإرهابي في التسجيل المصور الجديد كأنه يريد ضخ الدم في عروقه بعد النزيف الحاد الذي تعرض له خلال العام الماضي، إذ نجحت مصالح الأمن في تأمين العاصمة من أي اعتداء إرهابي خلال العام الماضي بتراجع العمليات الانتحارية وإحباط أخرى مقارنة بالسنة ما قبل الماضية، كما تم القضاء على أكثر من مائتي إرهابي من بينهم أمراء للتنظيم الإرهابي وتسليم البعض أنفسهم لمصالح الأمن ومنهم أمير أكبر كتيبة التي يعول عليها أبو مصعب عبد الودود كتيبة الأنصار الناشطة بولاية بومرداس والذين يعتبرون النواة الأولى للجماعة السلفية للدعوة والقتال التي انتهجت أسلوب الاعتداءات المتفرقة بعد دحر شوكتها من طرف مصالح الأمن· ''الحق بالقافلة''·· التنظيم الإرهابي يحاول التخلص من صوره الدموية حاول التنظيم الإرهابي للجماعة السلفية للدعوة والقتال في التسجيل الحديث الذي تحصلت ''الجزائر نيوز'' على نسخة منه التخلص من الصور الدموية التي ألف بثها عبر مختلف المنتديات الجهادية، عكس السنوات الماضية التي يصور فيها التنظيم جرائمه البشعة التي ينفذها في حق العشرات من الأبرياء من المدنيين، وهو ما عجزت عنه اللجنة الإعلامية للتنظيم الإرهابي عن تقديم حكم شرعي لتبرير الاعتداءات الانتحارية، واستهداف المدنيين والاختطافات، وباتت الردود على فتاوى العلماء عبارة عن تعليقات وتهجم وقذف، بعيدا عن التبرير الشرعي والتفصيل والتوضيح· ففي التسجيل الجديد لما أطلقت عليه الجماعة السلفية للدعوة والقتال ب''مؤسسة الأندلس'' يحاول التنظيم الإرهابي استعطاف الجزائريين والتحول إلى ما يشبه الناطق الرسمي والمدافع عن هذا الشعب بعد أن لفظه الشعب الجزائري، وفشله في استعطاف حتى هؤلاء الذين يريد استمالتهم إليه بطرقه الاحتيالية والمعتادة، ووعد بعض المغرر بهم ب''صكوك الغفران'' والفوز بالجنة، وقد بلغت سخافة تسجيلات الأندلس هذه المرة ذروتها حينما بث تسجل أريد أن يكون بمثابة استقراء للوضعية السياسية في البلاد، معتمدا على أراء بعض الشخصيات استغلت في غير موضعها، كأن يظهر في التسجيل وزير الاقتصاد الأسبق ما بين أعوام 1989 · 1991 غازي حيدوسي وهو يدلي برأيه في قضايا تتعلق بنظام الحكم، يتحدث خللها على ما يعرف لدى البعض بطابور فرنسا الخامس، ليس هذا فقط بل يستغل التنظيم الإرهابي تصريحات رئيس الحكومة الأسبق سيد احمد غزالي فيما يخص قضايا الفساد في الجزائر واستفحالها عبر عدة مستويات، واستدل التنظيم في تسجيله ببعض حالات الفساد كقضية ''الملياردير الهارب'' عبد المومن خليفة وكذا تصريحات لرجل الأعمال محمد بوعكاز وهو مستثمر معروف باستيراد الحليب ومقيم ببلجيكا، والضغوط التي تعرض لها من طرف ما يسمى ''بارونات الاستيراد''· فمتى كان التنظيم الإرهابي يخوض في القضايا الاقتصادية ومتى كان يهمه الاقتصاد الوطني وهو الذي قام بحرق العشرات من المؤسسات الاقتصادية في البلاد، وشرد العشرات من العائلات وأحالها على البطالة وما بشركة ''اوني'' بسيدي بلعباس إلا خير دليل على ذلك· شتان بين درودكال وعبد الله عزام كعادته وبعد فشل التنظيم الإرهابي في استعطاف أغلب قادة التيار السلفي وإقناعهم بإصدار فتاوى لتبرير أعمالهم الإجرامية، فقد استعان أيضا التنظيم الإرهابي في تسجيله على تصريحات سابقة للقيادي الإخواني عبد الله عزام فيما يخص ''الجهاد في أفغانستان''، وقد حاولت الجماعة السلفية إقحام تصريحات عبد الله عزام ضمن مخططها الدعائي، وكأن عبد الله عزام لو كان عل قيد الحياة سيساندها بالرغم من أن عزام ورغم قيادته للعمل الجهادي في أفغانستان معروف عنه أنه ضد أي عمل إرهابي يستهدف أي دولة مسلمة، وكان هدفه لم شمل الفصائل الجهادية في أفغانستان، وقد ربط عزام علاقات مع الراحل ''الشيخ نحناح'' وقد جمعته لقاءات في باكستان قبل اغتيال عزام عام 1990 ووجهت أصابع الإتهام حينها إلى مخابرات دولة عربية· واستعان أيضا التنظيم الإرهابي بتصريحات لأبو ليث الليبي المعروف باستخدام مقاطع الفيديو ليس لزيادة توسع ''القاعدة'' ولكن لدعمها، ومعروف عن الليبي أيضا مهاجمته للعلماء المسلمين المعتدلين الذين يتهمون القاعدة باستخدام تفسيرات خاطئة للقرآن لتبرير الجهاد، ولليبي خطب كثيرة بثت في وقت سابق أصبحت مرجعا للجماعة السلفية، علما أن الليبي يعتبر من المخططين الاستراتيجيين للقاعدة، كما أنه واحد من المطوّرين المؤثرين للجهاد على المستوى العالمي· ما هي اللجنة الإعلامية للجماعة السلفية؟ تأتي اللجنة الإعلامية للجماعة السلفية التي أقدمت قيادة التنظيم الإرهابي، مؤخرا، على حلها في المرتبة الخامسة في الهرم المشكل ل ''الجماعة السلفية للدعوة والقتال''، وقد تم تعويض هذه اللجنة التي تم حلها بعد أن اتهم عدد من قيادتها بالخيانة من قبل قياديي التنظيم، على خلفية تسريب تسجيلات المنصورة ووقوعها في أيدي قوات الأمن، بما يسمى بمؤسسة تسجيلات الأندلس· وقد قرر التنظيم الإرهابي أن يجعل من هذه المؤسسة الجهة الرسميّة الوحيدة لنشر كل الإصدارات الإعلامية، بأمر من قيادات تنظيم الجماعة السلفية، الأكثر من ذلك أن هذا الأخير وفي بيان سابق تبرأ من أي شعار يصدر باسم اللجنة الإعلامية، التي أصبح يسيطر عليها بعض الإرهابيين الموريتانيين· وقد فقد التنظيم الإرهابي قبل اللجنة الإعلامية عددا من لجانه، من بينها اللجنة الشرعية التي بعد أن قام المدعو شريف سعيد المكنى أبو زكريا بتسليم نفسه لمصالح الأمن، والذي انضم إلى مسعى حسان حطاب مؤسس التنظيم في دعوته للالتحاق بركب المصالحة الوطنية، وتلى ذلك فقدان الجماعة السلفية للجنة الطبية بعد القضاء على أميرها المدعو محمد بلعيد بيسر العام الماضي، كما فقد التنظيم الإرهابي لجنة العلاقات الخارجية التي لم يعد لها دور، منذ القضاء على أميرها عبد الحميد سعداوي ''يحيى أبو الهيثم'' عام .2007 وقد تحولت اللجنة الإعلامية للتنظيم الإرهابي إلى منبر حقيقي للدعاية لمختلف العمليات الإرهابية، وقد تمكنت من إرسال عدد من الأحداث التي صورتها والمجازر المرتكبة لقناة ''الجزيرة'' في قطر التي تحولت في وقت سابق إلى فضاء لتمرير الدعاية الإعلامية للجماعة السلفية للدعوة والقتال، في وقت تحفّظ فيه عدد من القنوات العربية على بث صور المجازر التي ارتكبتها الجماعة السلفية في حق المواطنين، على رأسها تفجيرات قصر الحكومة لأفريل 2006 التي انفردت قناة ''الجزيرة'' ببث صورها· الجماعة السلفية تفشل في تفعيل الحرب الدعائية وغياب لصور درودكال يتأكد جليا من خلال التسجيل الجديد لما أطلق على تسميته ب''الحق بالقافلة''، فشل مؤسسة ''الأندلس'' للإنتاج الإعلامي، الناطق الإعلامي للتنظيم الإرهابي المسلح في تفعيل الحرب الدعائية، التي يراهن عليها عبد المالك درودكال· ويبرر هذا الفشل بسبب تراجع النشاط المسلح بشكل لافت في الأشهر الأخيرة، حيث كانت المؤسسة قد نشرت في أول خرجة إعلامية لها، ك''هدية'' فيديو عن تفجيرات متفرقة، لم تخلف خسائر في صفوف قوات الجيش، قبل أن تنشر مجددا بيانا مكتوبا حول أحداث ديار الشمس، كان الهدف منه محاولة تبييض الصورة، و''تصحيح'' الانحرافات التي ترتبت عن الاعتداءات الانتحارية والاختطافات التي استهدفت المدنيين وأخيرا تسجيل ''الحق بالقافلة'' الذي يشبه إلى حد ما حصصا تلفزيونية اعتمدت على شهادات استغلت في غير موضعها، لكن ما لم يقدمه التنظيم غياب أي صورة لأميرها المزعوم عبد المالك درودكال الذي ترددت أخبار عن إصابته بمرض خطير أو أنه يكون قد بلغ حالة متقدمة من المرض، كما تحاشى التنظيم الحديث عن سقوط مساعديه، تفاديا لإحباط معنويات أتباعه، في حين ظل تدهور الوضع الداخلي في الجماعة السلفية خاصة وأن اللجنة الإعلامية للتنظيم تم حلها مباشرة بعد تسجيل مجزرة المنصور ببرج بوعريريج والذي وقع بين أيدي مصالح الأمن، يبرز فيها التنظيم قيادات من التنظيم شاركت في العملية الإجرامية ومكنت من القضاء على أبرز عناصرها·