هل صار من الضروري أن يرسل الله رسولا حتى ينبئنا بأن "كورونا" عقاب للصين جرّاء ما فعلته بالمسلمين، وأن انتقال الوباء إلى الدول بنسب متفاوتة إلا بسبب صمتهم حيال القضية.. ماذا لو فعلت ذلك بالجالية اليهودية، أو أنها خصّت مواطنين وقالت بأنهم سعوديين أو مصريين أو جزائريين مثلا، الأكيد لتحركت الدبلوماسية واستدعي السفير للمساءلة، ولرُفعت ضد الصين قضية لدى مجلس الأمن الدولي.. ماذا لو حدث ذلك للمسيحيين كما حدث ما شابه ذلك بشكل طفيف جدّا في مصر منذ مدة قليلة؟ حين قامت الدنيا ولم تقعد، وكلف الأمر إلى حد ترتيب انقلاب عسكري، ألا يوجد دبلوماسية تخص المسلمين أم أن الرأي العام صدّق بأن المسلمين كلهم إرهابيون بلا استثناء، بماذا نصنف الله وقد تدخّل لحسم الأمر بهذا الفيروس الفتّاك، وقد بدأ بالصين تخصيصا، هل نصنفه بأنه إرهابي أيضا؟ ألم تسمعوا بقرى وأقوام هلكوا بسبب استهانتهم بالإسلام، أو بإيذاء الذين يعتنقونه من الصالحين عربا وعجم، أو بسبب سخريتهم من إحدى مقدساته؟ الذي أرسل الطير الأبابيل أليس بقادر أن يرسل "كورونا" أو ما شابه؟ أين الدول التي تقول بأنها إسلامية، أين الرابطة الإسلامية العالمية؟ أين هي هيئة دول التعاون الإسلامي؟ أين الرابطة الإسلامية العالمية؟ أين الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية؟ أين جمعية الدعوة الإسلامية العالمية؟ أين مختلف جمعيات المسلمين في العالم؟ أين هي دول التحالف الإسلامي؟ أين ذلك الرجل الواحد الذي أطاح بصدام حسين، وبمعمر القذافي، وبحسني مبارك، وبزين العابدين بن علي، وأطاح بخمس حكومات في مدة أقل من خمس سنوات في الجزائر؟ أين الذين تأخذهم العزة بأنهم متشدّدون، وأنهم ذوي عزم وبأس وقاموا بثورات في الجزائر، وفي العراق، وفي تونس، وفي مصر، وسوريا.. أين الذين يخافون من تركيا، ومن إيران، أين الذين يخافون من جيوش وطنهم ولا يخافون من أمريكا، والصين، والهند، وإسرائيل..؟ وتظل عناية الله بالصالحين هي الغالبة: {.. وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)}، ببساطة وبعيدا عن التأويلات العلمية التي تفرزها المخابر والمنابر، ها قد انتصر الله للمسلمين في الصين، في حين عاد الذين يظنون أنهم الأقرب إلى الله خائبين من صلاة الاستسقاء. المرشدون المسلمون على شاشات التلفزيون وهم يتحدثون بخصوص الوقاية من فيروس "كورونا"، كلهم ينصحون بغسل الأيادي بالصابون والمطهّرات الكيماوية، ولا واحد سمعته يحمد الله تعالى حين أمرنا بالوضوء خمس مرّات في اليوم، ثم ينصح الذين لا يصلّون بأن يتوبوا ويواظبوا على الوضوء، وينصحهم بأن الخوف من الله أولى من الخوف من "كورونا". ويذكّرهم بأن مثل هذه المحن هي التي تذكّرنا بدرجة علاقتنا بالله، وهكذا كان يفعل المسلمون في عهد النهضة الإسلامية، حتى في العصر الجاهلي، فكان الواحد منهم إذا أحاطت به المصائب عاد إلى (هبل)، فهل تكون الجاهلية أكثر حنينا إلى الأصنام من حنين المسلمين إلى خالقهم وبارئهم، والمسيطر على الكون بكل مضارّه ومنافعه؟ نقطة ومن أراد أن يرجع إلى السطر، فإن الإيمان بالله طمأنينة للنفوس بأن الموت حق سيّان كان ب"كورونا" أو حتى بدون سبب، وأن في الوضوء وقاية ضد ما نعرف وما لا نعرف من الجراثيم والفيروسات.