انتقلت اليوم إلى رحمة الله السيدة "شداد كلثوم" عن عمر ناهز 91 سنة بعد مرض أقعدها الفراش طويلا. وتعتبر المرحومة من الرعيل الأول للمناضلات الجلفاويات سواء في الحركة الوطنية أو في الحركة الكشفية. إذ تعتبر آخر من بقي على قيد الحياة من أعضاء الفوج الكشفي الجلفاوي الذي شارك في مظاهرات 08 ماي 1945 في برج بوعريريجوسطيف. ويتشكل هذا الوفد الكشفي من كل من المؤسسين الأوائل لفوج كشافة الأمل بالجلفة الذي تأسس سنة 1939 وكان له دور كبير في نشر الوعي السياسي وتقديم قوافل من المجاهدين والشهداء بمدينة الجلفة ممن حملوا القضية الوطنية في قلوبهم. في بداية ماي 1945 كان الوعي السياسي بالجلفة على أشدّه وكانت كل الأفئدة مشرئبة إلى ما سيأتي من أحداث بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ووعود المحتل الفرنسي للجزائريين. وبالجلفة كان أيضا مناضلو الحركة الوطنية ينتظرون الإفراج عن ميصالي الحاج ... وهكذا كانت الأرضية خصبة لاحتضان أي نداء من قادة الحركة الوطنية وبالفعل فقد حفلت جدران مدينة الجلفة بعبارات "أقتلوا الفرنسيين واليهود" حسبما نقله المؤرخ الأستاذ الدكتور رابح بلعيد. ونقل المجاهد الراحل دلولة بلعباس (1918 - 2014) الوضع العام حيث انتشر اضطراب كبير بكل الناحية خصوصا في مسعد وبوكحيل وكان للناس بنادق إيطالية من نوع "ستاتي". وهي الشهادة التي تؤيد ما رواه المجاهدان الأخوان شكالي الحاج أحمد (1919 - 2017) والحاج الطيب (1921-2018) عن نداء جمع السلاح الذي وصل خلية الجلفة لحزب الشعب الجزائري وإخفاء ما تم جمعه في منطقة "باب مسعود". وقد تم اعتقال حوالي 15 جلفاويا من بينهم عضوان بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين و04 أو 05 من أنصار فرحات عباس والبقية كلهم من حزب الشعب الجزائري، سُجنوا في القليعة ولم يُطلق سراحهم إلا شهورا من بعد. وابتداء من 17 ماي 1945 تم اعتقال كل من المناضلين شويحة قويدر بن عمران وعبد الله براهيمي وبن شونان محمد بن مختار ويونس بن بلخير ومداني بن محمد، رحمهم الله، ليتم إرسالهم إلى الإقامة الجبرية في "فور فلاترز، حاليا برج عمر إدريس بولاية إليزي" ولم يصدر الأمر بإطلاق سراحهم إلا بتاريخ 29 ديسمبر من نفس السنة. أما على الصعيد الإجتماعي خلال عشرية الأربعينات بمنطقة الجلفة فقد تميّز بانتشار الوباء والمجاعة مما تسبب في كثرة الوفيات وهو ما سنعود إليه في الجزء الأخير من الثلاثية التاريخية عن المجاعات والأوبئة بمنطقة الجلفة خلال فترة الإحتلال الفرنسي للجزائر. وفيما يتعلق بالحراك الكشفي فقد انطلق كل من زناتي محمد وبوسعيد محمد وبلحاج محمد وعروي ثامر وزوجته شداد كلتوم، رحمهم الله، بحافلة بوكامل قصد المشاركة في مظاهرات سطيف، غير أن القوات الفرنسية قد أوقفتهم في برج بوعريريج ومنعهتم من مواصلة الطريق. فبقوا عدة أيام صنعوا فيها اللافتات تنادي بحرية الشعب الجزائري وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وكذا التنديد بالاستعمار والإمبريالية بجميع أشكالها، حسبما نقلته الباحثة مفيدة قويسم. وعلى إثر وفاة السيدة "شداد كلتوم – زوجة بلحاج" تتقدم "الجلفة إنفو" بخالص التعازي لأهلها ولابنها السيد أحمد بلحاج راجين من المولى أن يرزقها الجنة ويرزق ذويها جميل الصبر والسلوان. "إنا لله وإنا إليه راجعون". الكشفية شداد كلتوم - رحمها الله- خلال تكريمها من طرف قدماء كشافة فوج الأمل