حفظت الذاكرة الجمعية سِيَر العديد من الأبطال الشجعان في بلاد أولاد نايل منهم علي بن الڨيرع والربيع بن المبارك وسعد بن دباز ومحمد بن لطرش وسالم بن كليب وبوزيد بن يحيى وسي امحمد بن عبد الرحمان بن سالم وثامر بن سالم بن طعبة وسيدي بلكحل (كنيته غرّاس المْحال) والفرسان من ذرية سيدي محاد بن علي جد العبازيز وفرسان السحاري والأحداب وأولاد بن علية والمويعدات وغيرها من القبائل الهلالية والإدريسية لهذه الربوع. ومن بين من ذاع صيتهم في الآفاق نذكر البطلين "علي والربيع" أحد فرسان "أولاد أم الأخوة" لما أظهروه من شجاعة وإقدام في الذود عن حمى القبيلة. ولعل الشاعر النايلي آنذاك قد أعطى وصفا دقيقا عن تلك الحمية والنخوة في الكر والفر حين خاطب خصومه بالقول: حرّمت عليكم خوخ مسعد لا ذڨتوه *** ولا وردت خيلكم من سلمانة يقول الأستاذ الباحث حامدي مختار عن الفارس "الربيع بن مبارك" إنه قد عاش في العهد العثماني حيث ولد سنة 1783 وتوفي سنة 1813م أي عاش 30 سنة فقط!!. وهذا العمر القصير والصيت الشهير للربيع يدل على عناية أولاد نايل بأبنائهم وتربيتهم على الفروسية والحرب لينبغوا ويتفوّقوا فيها في سن مبكّرة. فارسنا "الربيع بن المبارك" من فرقة "أولاد لخضر"، من أولاد عيسى بن نائل … كان هذا البطل حامي حمى قبائل أولاد عيسى في صحراء مسعد من الغزو سواء من القبائل المجاورة أو من السلطة العثمانية في حملاتها لجمع الضرائب. نشأ شاباً يافعا مولعاً بالصيد والفروسية كغيره من فتيان أولاد نائل. كان شجاعا باسلا لا يُشق له غبار سديد الرمي. تخلق بأخلاق عرب البادية آنذاك فتميز بمظهره ولباسه ببرنسه الأسود وفرسه البيضاء المسماة "مكددة الراس". ومن مروءته أنه لا يبدأ القتال حتى يعلنه بالنفخ في البوق أي يعطي فرصة لخصمه ولا يباغته ولا يتصيّد غفلة خصومه وأعدائه. كما ذكره الشيخ طهيري عبد الرحمان بن الطاهر "… فمن مشاهيرهم علي بن ڨيرع والربيع بن المبارك بلغت بهم الشهرة الى ما يلمه العدو والصديق فلقد كان الربيع يقاتل المائة والمئتين وحده ولا يبالي …". كما أشار لهذين البطلين "علي والربيع" دوفيلاري. وهنا نرى إختلاف في ذكر إسم والد الربيع بين الشيخ طاهيري عبد الرحمان ودوفيلاري الذي وثّقه باسم "الربيع بن بلقاسم". توفي الربيع سنة 1813م بالمكان المسمى "المقايث"، وهو موضع بصحراء أم العظام، متأثراً بجراحه بعدما استنجده قومه واسترجع لهم قطيع الإبل التي سُلبت منهم في إحدى الغارات عليهم. وقالت فيه أرملته حين طُلبت يدها للزواج بعد وفاته: يا عڨاب شبكة زيّانة *** يا مهوّل العڨد الراسي ميت في قبرو يتعانى *** خير من حياة مولاها منسي والبيت الأخير سار مسرى الأمثال الشعبية. كما خلدت ذكراهم وحفظت ملاحمهم وبطولاتهم قصائد كثيرة عدت خصالهم الحميدة من شجاعة و حلم وإيثار ونجدة للمستضعفين وإغاثة للمحتاجين. وهي خصال نابعة من شيم الرجل البدوي العربي وتعكس أصالة قبيلة أولاد نائل، وفي ذكرهم ما رواه الأجداد بالتواتر قول الشاعر: على المقيثة ناض الغبّار *** ولفريڨ مسهل غادي يا العور أعطوني لخبار *** وين خلفتو ميعادي وعلى اكحيلة معتاه نهار ***درتوه على مهر لفرادي ولم تصلنا من مآثرهم الكثير ربما ذلك راجع لسببين هما عدم الإهتمام بالكتابة والتدوين وظروف البادية الصعبة من حل وترحال من جهة. ومن جهة أخرى الإعتماد على الرواية الشفوية وحفظ الرواة للأخبار والأشعار ما كان سبب ضياع الكثيرمن موروثنا. (*) المقال مأخوذ من خيمة التراث الشعبي لمنطقة الجلفة -الرابط-
صورة الواجهة: للرسام الإسباني أولبيانو شيكا إي سانز 1860-1916 Ulpiano Checa y Sanz للبقاء على اطلاع دائم بالأخبار عبر جريدتكم "الجلفة إنفو" الإلكترونية و تلقي الإشعارات، قم بتحميل تطبيق الجلفة انفو