عرف المشروع البيئي لاسترجاع النفايات بولاية الجلفة قفزة نوعية مؤخرا، رغم كل العراقيل التي يواجهها من نقص في اليد العاملة وانعدام التمويل الذي لم يصل إلى يومنا هذا، بعد أكثر من ثلاثة سنوات من انطلاقه. .. ورغم كل الصعوبات المطروحة، إلا أن القائمة على المشروع، السيدة بوهالي ليلي، وهي مهندسة في البيئة مكلفة من طرف الوزارة الوصية بإدارة المشروع، لا تنوي الاستسلام للأمر الواقع والتخلي عن مشروعها، معربة عن أملها في صحوة خضراء تجعل من المبادرات البيئية الرسمية مجرد امتداد لوعي اجتماعي بقضايا التنمية المستدامة، السيدة بوهالي التي استقبلتنا في ورشتها المنصبة بالمنطقة الصناعية بالجلفة، لم تنتظر حتى تضخ الأموال من وزارة البيئة للانطلاق في المشروع، كما هو الحال في الولايات الأخرى المعنية بالمشاريع الرائدة، وبادرت بتفعيله منذ تسجيله مركزيا بالتعاون مع بلدية الجلفة. تعرف ورشة استرجاع النفايات بالمنطقة الصناعية للجلفة نشاطا مزدهرا، وعند زيارتنا للمكان وجدنا المكلفة بالمشروع توجه سير العمل، وتسجل كل كبيرة وصغيرة، وتعمل على استقبال الزوار من أصدقاء وعمال البلدية ونشطاء البيئة، وتروي السيدة بوهالي أن انطلاقة المشروع كانت صعبة وتطلبت تضحيات كبيرة من كل المتدخلين، قائلة لقد سجل المشروع مركزيا سنة 2008، وهو يعد مشروعا نموذجيالاسترجاع النفايات، مماثل لأربعة مشاريع أخرى سجلت بولايات غرداية، عنابة، تلمسان ومنطقة اسطاوالي بالعاصمة، ويدخل هذا المشروع في إطار البرنامج الوطني للتسيير المتكامل للنفايات الحضرية وهو يخص النفايات البلدية، وكأولوية النفايات الصلبة المنزلية، وتشرح بوهالي ليلى أن عمل الورشة مقسم إلى أربعة مراحل متكاملة، هي الجمع، الفرز، التحويل، الشحن، والنشاط مقتصر حاليا على النفايات الكرتونية والورقية بسبب قلة الإمكانات ونقص المعدات التقنية، وتشرح السيدة بوهالي عملنا يبدأ مساء كل يوم بعملية الجمع التي تدوم ساعتين فقط، بما أن العملية تعتمد على جرار البلدية الذي توفره لنا لمدة ساعتين يوميا من باب المساهمة، من ثم نقوم بتجميع كل الورق والكرتون الذي تم جمعه داخل المستودع الموفر أيضا من طرف البلدية، لتنطلق عملية الفرز في اليوم التالي وهي من أهم مراحل العملية إذ أنها تحدد جودة المادة المسترجعة، ثم نقوم بإدخال كل بقايا الكرتون داخل آلة ضاغطة،وفرها لنا المجمع الوطني للورق جيباك في إطار شراكة، إذ أن هذه الأخيرة تقوم بشحن كومات الكرتون من الجلفة لاستعمالها في صناعات الورق والكرتون الموجه للسوق، وقد انتابنا الفضول عن النقص الفادح في الإمكانات الذي يعاني منه المشروع، رغم أنه مسجل مركزيا، فالجرار والمستودع وحتى آلة الضغط توفرها هيئات خارجية، فردت القائمة على المشروع: حقيقة، أنا لا افقه في الأمور الإدارية، لكنني أؤمن أن البيئة قضية الجميع، وهي مرتبطة بالإرادة والتضحيات، لذا قررت المبادرة بطريقتي الخاصة وتلقيت المساعدة من طرف عدة هيئات، من بينها البلدية ومجمع جيباك والنتيجة أن المشروع قائم بذاته، وهذا حتى بدون وصول التمويل، هذا لا يعني أننا نعمل في ظروف حسنة، فلا يجب نسيان أن عمال الورشة العشرة موظفون منذ أكثر من ثلاثة سنوات في إطار الشبكة الاجتماعية، وهم بالتالي يتقاضون منحة رمزية لا تتجاوز 3 آلاف دينار شهريا، ومساندتهم للمشروع هي في حد ذاتها تضحية كبيرة. ويبلغ متوسط إنتاج ورشة الجلفة ما بين 10 إلى 15 طنا شهريا من الورق، ومن8إلى 10 طنا من الكرتون، وهذا حسب توفر المادة الأولية، وفي هذا الصدد، تناشد السيدة بوهالي كل الهيئات والتجار والمواطنين بولاية الجلفة المساهمة في إنجاح هذا المشروع، وهذا بفرز النفايات الكرتونية والورقية والاتصال بها لكي يتسنى لها استرجاع كميات أكبر من هذا النوع من النفايات، بحيث تتخلص المدينة من أكوام النفايات المتراكمة بشوارعها بطريقة عصرية لتحقيق التنمية المستدامة،كما تشير محدثتنا إلى أن الأهم في قضايا البيئة هو الاعتماد دائما على إستراتيجية براغماتية تنطلق من القاعدة وصولا إلى الهرم، وليس العكس مع ضمان إشراك المجتمع المدني والجماعات المحلية. ويبقى في هذا الإطار دور الدولة المطالبة بتوفير التمويل لهذا المشروع ومساندته حتى لا تضيع مثل هذه المبادرات، وتكون ضحية التعقيدات الإدارية.