علمت "الجلفة انفو" ومن مصادر مقربة من عائلة المختطف الدبلوماسي "تواتي الطاهر" أن عملية الاختطاف جاءت في ظرف سريع ومدروس لم تسبقه أية إشارة أو غموض يوحي بشيء ما، ففي التوقيت الاعتيادي للعمل خرج الموظفون للعمل من البيوت المقابلة للقنصلية في حين بقي أحدهم رفقة النساء داخل البيت وكان لا يزال نائما الوقت الذي جاءت فيه المجموعة التي قامت بالاختطاف، حيث سمعوا وصول سيارات "الكات كات" تقف بصورة ملفتة عند القنصلية. كما سمعوا تهديدات من أفواه القادمين بفتح أبواب القنصلية أو بتفجيرها، هنالك دخلوا عنوة مرددين "الله أكبر، الله أكبر" ومن ثم كان السفير هو أول المقتادين، في حين كان الشهود ما يزالون في البيت المقابل للسفارة يجتاحهم الرعب والخوف مختبئين لكي لا ينتبه إليهم هؤلاء فيكون مصيرهم كمصير الآخرين من رفقائهم.
اقتاد المختطفين رهائنهم من القنصلية واحدا تلو الآخر، أما من كانوا في البيت المقابل ومعهم زوجة المختطف "تواتي الطاهر" فقد خرجوا من باب آخر للبيت رفقة مساعدين من مالي وأسكنوهم في بيت آخر منبهين إياهم بعدم إحداث أي جلبة توحي بتواجدهم هناك، كما أخذوهم على أكف الراحة محاولين تهدئة روعهم، وجاءوا لهم بفرد "ترقي" تاجر للمساعدة حيث طلب ومن معه مبلغا من المال حتى يمكنهم من الخروج من أزمتهم وتوصيلهم إلى بر الأمان، لكنه وجد الفارين لا يملكون شيئا إلا هواتفهم النقالة وذلك بسبب خروجهم على غفلة من أمرهم ونفاذهم بجلدهم، الأمر الذي جعل هؤلاء السكان يساعدونهم دون أي مقابل. ألبسوهم لباسهم التقليدي كي لا يتعرف عليهم أحد واقتادوهم إلى سيارتين واحدا تلو الآخر في حذر وحرص شديدين، وانطلقت بهم السيارتان من التاسعة مساءً حتى التاسعة صباحا إلى أن وصلوا إلى "برج باجي مختار" أين وجدوا السلطات في انتظارهم ومعهم طبيبة من اليونيسيف ومن هناك إلى قسنطينة ومنها إلى وزارة الخارجية ومن الوزارة إلى بيوت أهاليهم تاركين المختطفين في المجهول تزاحم رؤوسهم علامات الاستفهام والحزن الشديد.
هذا وقد بينت "الجلفة انفو" أن المختطف الدبلوماسي "تواتي الطاهر" 32 سنة كان يعمل مساعد القنصل الجزائري في "غاو " وهو متحصل على شهادة الماجيستير في العلوم السياسية سنة 2007 و شهادة ليسانس في الحقوق ، كما قبل ذلك بوزارة الخارجية الجزائرية كرئيس لمصلحة توظيف الملحقين الدبلوماسيين، ليلتحق بعد ذلك كمساعد للقنصل الجزائري سنة 2010 ، ولم يمر على زواج الطاهر قبل الاختطاف ثلاثة أشهر و حسب مقربين من عائلته فإن زوجته وصلت في صحة جيدة لكن حالة الترقب والحيرة لا تزال في بيت عائلة المختطف ويعد " تواتي الطاهر"من أهم مساعدي القنصل الجزائري حيث كان القائم بالأعمال في حالة غياب السفير الجزائري... وتقع منطقة غاو في شرق مالي تحدها من الجنوب والشرق النيجر، ومن الشمال منطقة كيدال وإلى الغرب منطقة تومبكتو. وتمثل غاو مع كيدال وتمبكتو منطقة شمال مالي التي تمتاز بطبيعتها الصحراوية الجافة كما أن هذه المنطقة تعاني إهمال شديد من حكومة باماكو مما دفع الكثير من شباب المنطقة للالتحاق بمنظمات تهريب المخدرات والسلاح والمنظمات المتشددة.
ويعتبر سكان منطقة غاو ومناطق الشمال عموما وفي أغلبيتهم الساحقة مسلمون يمتازون بتعدد أعراقهم وألوانهم ولغاتهم حيث يغلب في الشريط المحاذي لضفتي نهر النيجر قومية "السونغي" التي تعمل في الزراعة وصيد الأسماك وقومية "الفلان" وهم رعات البقر. وأما المناطق التي تقع في العمق الصحراوي فيغلب فيها العرب والطوارق التجار والرعاة لكن هذا التقسيم لا يسقط على مدينة غاو التي تعتبر القلب الإداري والاقتصادي للولاية لذلك تتكون من مزيج من كل هذه الأعراق.