الطفل "غراب بوزيد" توفي بسبب لدغة عقرب وصف أحد القرّاء الكرام المساهمات التي تنشر في عمود "انطباعات" بأنها ترصد كل ما يبعث على التشاؤم ويغمط القارئ حقه في التفاؤل في المستقبل. والحقيقة أنّ هذا القارئ مصيب فيما قال ولعلّه كان يقصد بالمستقبل الأطفال ... رجال المستقبل. القارئ المذكور لم يجانب الحقيقة ما دمنا نكتب عن واقع لم يتغير منذ أن عايشنا الجيل الذي خاض الثورة وعايشنا كأطفال وشباب ثم كهول كل المراحل التي مرّت بها الجزائر المستقلة بكل ما فيها من ارتجالية في التسيير من الأمّيين. وبعدها السنوات العجاف اثر سقوط أسعار البترول ثم سنوات الدم في العشر الحمر وبعدها سنوات "الفساد الجزائري" الذي صار يسير في الأرض سائحا في الخليج وأوروبا والعالم الجديد وبلدان الشرق الأوسط والأدنى وما بينهما ... سأوافق القارئ المذكور على ما قاله اذا كان يقصد بأنه يجب أن نترك فرصة للأمل و التفاؤل حيال الأطفال و الناشئة الذين نتمنى لهم حقا السعادة وأن ينالوا فرصهم وحقوقهم في كل مناحي الحياة. كنت سأوافق صاحبي وأُذعِن لعتابه وأكتب بكثير من البهجة والحبور عن مهرجان "قراءة في احتفال" الذي ستحتضنه مدينة الجلفة وبعض البلديات في طبعته الثالثة ... ولكن هيهات أصحاب القرار يتركونك تتفاءل و تفسح للأمل مكانا في قلبك ... و هاهو البرنامج الاحتفالي للطبعة الثالثة لمهرجان المذكور يحيل عمود "انطباعات" مرة أخرى الى السلبية و التشاؤم و الشحوب و وصف ذلك المهرجان بأنه احتفاء بطفل على حساب طفل آخر ... مهرجان القراءة في احتفال جاء في الطبعة الثالثة ليكرّس الحرمان والانتقائية حتّى على حساب البراءة ... أطفال بلديات عمق جنوبالجلفة يُحرمون من مظاهر المتعة التي تَعْدمها مدنهم ويحرمون من المكتبة المتنقلة التي من المفروض أنها تعوض انعدام المكتبات القارّة (المكتبة البلدية) ... خبّرونا بالله عليكم ... لماذا تذهب المكتبة المتنقّلة الى بلدية دار الشيوخ التي يوجد بها مركز ثقافي و "مكتبتان بلديتان" ... الأولى في مدخل المدينة و الثانية في طريق "المرجة"؟ ولماذا تذهب المكتبة المتنقلة الى حاسي بحبح التي يوجد فيها مكتبة بلدية؟ لماذا تضيف مديرية الثقافة بالجلفة "الماء الى البحر" عبر هذا الاهتمام الخاص بأطفال عاصمة الولاية و طيلة 15 يوما من مهرجان القراءة في احتفال؟ لماذا لا يكون هذا المهرجان في بلدية بجنوبالجلفة وليس بعاصمة الولاية التي تعجّ بالمكاتب العمومية و الخاصة؟ لماذا يحرم أطفال بلديات جنوب ولاية الجلفة من كل شيء في حين يستفيد أطفال عاصمة الولاية من 15 يوما لمهرجان القراءة في احتفال و10 أيام لسيرك عمّار و حديقة خاصة للحيوانات على مدار السنة بالقرب من القطب الثقافي؟ أليس الأطفال سواء في نظركم أيها المسؤولون؟ ألهذه الدرجة تكرهون الابتعاد عن مكاتبكم الوثيرة وتخشون جنوبالجلفة و شمسه وزمهريره؟ لماذا لا تكون المكتبة المتنقلة موجودة في مدينة مسعد و تتنقل بصفة دورية الى البلديات والمناطق النائية مثلما هو الأمر مع العيادة المتنقلة ... الى أن يتم التكفّل نهائيا بمشكلتي الصّحّة والمطالعة هناك سواء ببناء مكتبات أو دور مطالعة و تجهيز الموجود منها بالكتب والعتاد اللازم؟ لماذا لا يكون لبلديات قطّارة و أم لعظام نصيب من القافلة المتنقلة لمهرجان "قراءة في احتفال" فيشاهد أطفالها الفرقة المسرحية الفكاهية و يشاركوا في مسابقاتها ويفوزوا بجوائزها و يتمتّعوا فترة من الزمان تنسيهم العزلة و الحرمان ولو الى حين ... لماذا قامت القافلة الفنية المتنقلة في 2012 بزيارة 11 بلدية وتقلّصت الزيارات هذه السنة الى 08 بلديات فقط؟ لماذا تكرّر القافلة الفنية المتنقلة في 2013، وللسنة الثانية على التوالي، زيارة بلديات " دار الشيوخ، حاسي بحبح، الزعفران، البيرين، مسعد" بعد أن زارتها في 2012؟ أليس أطفال "قطارة و دلدول و أم لعظام و الدويس و سلمانة وعمورة والخميس وزكّار وسد رحال و تعظميت وعين الشهداء" مثل الأطفال المحظوظين بعاصمة الولاية و البلديات المحظوظة؟ هل تتعاون مديرية الثقافة مع الجغرافيا و المسؤولين الفاشلين في عزل و حرمان أطفال جنوبالجلفة من المتعة؟ أم هل أن الدكاترة المحاضرين لا يريدون الابتعاد كثيرا عن عاصمة الولاية والمغامرة بالذهاب الى البلاد التي تكثر بها العقارب و العواصف الرملية؟ لكم الله يا أطفال الجهة الجنوبية لولاية الجلفة فالمسؤولون على المستوى المحلي و الولائي يعلمون بمعاناتكم والحرمان الذي تعيشونه ولكنهم لا يتحركون ... حتى مديرية الثقافة لم تفكّر في مواساة أطفال بلدية سد رحال في "مهرجان القراءة" بعد أن فقدوا صديقهم "غراب بوزيد"، بسبب لسعة عقرب (*) ... يبدو أن المسؤولين لديهم حساسية من "ريح الجنوب" التي هي عنوان رواية ل "عبد الحميد بن هدوقة" لا نعتقد أن الكثيرين من القائمين على شؤون الثقافة قد سمعوا باسم كاتبها حتى لا نظلمهم ونقول قرأوا له ... لفقد قرّرتُ مقاطعة هذا المهرجان الذي يقوم على أساس جهوي ولن أذهب بأفراد أسرتي الى هناك تضامنا مع أطفال جنوب ولاية الجلفة ... مهرجان القراءة في احتفال طبعة 2012 مهرجان القراءة في احتفال طبعة 2013 (*) الطفل "غراب بوزيد، 11 سنة" توفي في جويلية 2013 اثر لسعة عقرب بسد رحال