الجزائرية للمياه في الوقت الذي ينشغل الجميع فيه بالحديث عن غزارة المياه بداية هذا الموسم، ويستبشرون بعام فيه يغاث الناس وفيه يرحمون، ورغم تراوح منسوب المياه المتساقطة بين 40 إلى 80 مليمترا أحيانا، ورغم تضرر ممتلكات الناس ومواشيهم وأراضيهم وأرواحهم أحياناً في العديد من جهات الوطن وفي منطقتنا بصفة خاصة؛ نجد من يشغله حديث آخر - وهم الأكثرية الساحقة من ساكنة الجلفة - عن شح المياه التي تصل طوعاً إلى بيوتهم عن طريق صنابير المياه أي رسمياً عن طريق إدارة المياه، غير تلك التي تصلها عنوة عن طريق انسداد البالوعات!!.. أيعقل أن تصادف أيام الأمطار الطوفانية في الجلفة، تلك الحملة التي وصفها المواطنون ب "المسعورة" لقطع التموين بالمياه العمومية ومصادرة عدادات المواطنين في الكثير من الأحياء؟!!.. هل تقابل النعمة بالجحود ؟!!.. لا يختلف اثنان ولا يتناطح عنزان - كما يقال - حول امتلاء كافة سدود المنطقة رغم قلتها وعدم مواكبتها ما تملك الجلفة من مقدرات في هذا المجال، ولا يشكك أحد متخصصاً كان أم من قبيل التجربة في بحيرة المياه الجوفية التي تقبع الجلفة فوقها، وما تجربة مياه الصدر وقوة التدفق حين انطلاق المشروع عنا ببعيد.. هل يعقل أن يتمتع سكان العاصمة وبعض مناطق الوطن الأكثر كثافة عمرانياً بديمومة استهلاك الماء 24/24 ساعة رغم قلة منسوب المياه الصالحة للشرب عندهم، ورغم ارتفاع تكلفة تحلية مياه البحر، ورغم اهتراء شبكة التوزيع نتيجة قدم تلك المدن، ورغم الحديث عن امكانية اللجوء إلى مياه المنيعة لإمداد العاصمة؟!!.. بينما يعطش سكان الجلفة ويشربون بعد اليوم الرابع؟!!.. لا لقلة المياه فيها ولكن نتيجة سوء التسيير والاستهتار بالثروات !!.. حينما تُعاقِب "الجزائرية" للمياه - التي أثبتت عدم جدارتها بهذا الاسم؛ لأن سمة "الجزائرية" الكرم والحلم والشعور بالآخرين وتحمّل المسؤولية والسهر لأجل راحة الأبناء ورعايتهم - حينما تعاقب بالجملة الساكنة في بعض الأحياء دون تمييز بين من دفع مستحقات الاستهلاك وبين من لم يدفع ولا يدفع ولن يدفع!!.. وتعامل الجميع على حد سواء، لا لشيء إلاّ أنها شركة مفلسة تضطر إلى مثل هذا الإجراء لتحصيل بعض الرواتب المتراكمة لعمالها غير المستقرين أيضاً نتيجة سوء التسيير !!.. حينما تُعاقِب المسماة "جزائرية" المواطن الذي يحرص على دفع مستحقاته ويتعاطى ويتواصل معها، بينما لا تتورط – أو تخاف بالأحرى- مع أولئك الذين يكفرون بشيء اسمه عداد أو حساب، لأنهم تعودوا حرق إطارات العجلات في الطرقات لإرغام السلطات وابتزاز المسؤولين الذين يسعون إلى تغليب السلم الاجتماعي ولو على حساب الأغلبية، أو لأنهم لم يتعودوا على سلوك تسديد الفواتير أثناء إقامتهم بطرق غير شرعية في البناءات الفوضوية، رغم انتقالهم إلى سكنات اجتماعية جديدة تصدروا الأولوية في الاستفادة منها قبل غيرهم من أبناء المدينة المستحقين، لأنّ عامل الشركة – وبكل بساطة - يخشى على نفسه ولا يتجرأ على نقل الحساب ناهيك عن تقسيم فواتير الاستهلاك !!.. حينما يطالب أحد المواطنين بالطريقة الإدارية وبكل لباقة ولأزيد من 9 مرات - والواقعة موثقة بالشواهد- بجملة مطالب مشروعة، منها استبدال العداد لأنه يدور بشكل جنوني حتى في غياب المياه؟!!.. وبتصحيح خطأ الإدارة التي حمّلته ديون سابقة جزافاً يرجع تاريخها إلى ما قبل توزيع السكن الذي يسكنه أصلا ؟!..بل قبل تشغيل الخزان العمومي للحي الجديد بأشهر ؟!.. وبتصحيح خطأ الإدارة التي تُصر على تسجيل مصاريف تركيب العداد في كل فاتورة، رغم أنه دفعها قبل ثمانية سنوات ؟!.. ورغم تذكيرهم كتابياً بوصل دفع مستحقات التركيب في كل مرة، وبمقابلة كافة المسؤولين صغيرهم وكبيرهم، قديمهم وجديدهم طيلة تلك السنوات؟!!.. وبتصحيح الاسم الوارد بشكل خاطئ في فواتيره حيث تصله تلك الفواتير باسم شخص آخر، حرصاً منه على دفع مستحقاته وإثباتاً منه لحسن النية بتحمّل مسؤولية دفع المستحقات تحرياً للحلال (أين قال له أحد المعارف هناك: لاعبها حلايلي.. ضرك اتخلص؟؟)، لأن الفواتير والديون الوهمية السابقة ترد إليه باسم آخر.. ورغم ذلك تتجاهل في كل مرة إدارة المياه تلك المطالب وتضرب بها عرض حوائط مقراتها الكثر الذي لا يتناسب مع حجم نشاطها المحدود، ولم تستجب لأي منها سوى لمطلبه الأخير أي تصحيح الإسم لأنّ ذلك في نظر مسؤوليها فرصة سانحة لإدانة الشخص الذي لم تكن تعرف اسمه وبلّغ عن نفسه ؟!!.. إنّ الإدارة الفعالة لهذا العنصر الحيوي في الحياة لا تكون في معزل عن الإرادة القوية لتحسين إدارة ذلك المرفق، لأنّ حساسية المادة المستهلكة تحتم على الشركة المسيّرة فرط الانتباه إلى انشغالات الزبائن، إن بالمنطق التجاري أو بمنطق تقديم الخدمة العمومية، لأننا زبائن ومواطنون في نفس الوقت.. إلاّ إذا أصرّت إدارة تلك المؤسسة على انتهاج نفس الطريقة المفلسة اقتصادياً واجتماعياً وحتى أخلاقياً، حينها نستوعب جيدا الفرق بين تسيير شركة "الجزائرية" الوطنية، وتلك "الفرنسية" الأجنبية لمقدرات هذا الوطن ؟!!.. حينها نصدق الإشاعة المنطقية التي تتحدث عن امتلاك بعض مسيري تلك الشركة أو بعض شركائهم المتواطئين مع سوء تسييرهم لعدد لا يستهان به من خزانان المياه الصالحة للشرب المتنقلة التي تبتز المواطنين دون رقابة ولا حساب، وعن التنسيق المحكم بين توقيت انقطاع المياه في بعض الأحياء وتزامنه مع تواجد تلك الخزانات في ساحتها - صدفة - حينها ندرك جيداً جدّية التصريح الذي أدلى به المسؤول الأول في الولاية سابقاً، حينما وصف تلك الشركة ب "السرّاقة" أمام الملأ وعلى مسمع جميع الجلفاويين من على منبر "إذاعة الجزائر من الجلفة" ؟!!..