حاول عمّي المختار إقناع من حوله وخاصة أبناؤه، بأنّ نظرته المسبقة للأمور كانت صائبة.. لطالما كان يقول لهم إنّ الجنرال الذي يموّن الجزائر بالسكّر هو "أڨدر" (بمعنى أقوى بالعامية) جنرال !.. لأنه مقتنع بكلام العارفين في السياسة والاقتصاد معاً، حينما كانوا يجزمون بأنّ وراء كل سلعة جنرال، حتى "البنان" و"مفرقعات الأطفال"!!.. والدليل على صحة استنتاجه واضح.. حيث وبمجرد ظهور أزمة السكّر تم إقالته فوراً؛ لأنه حاول احتكار أهم سلعة تمس المواطن وتحلي أيامه ؟!!.. والدليل القاطع الثاني على قوة استنتاجه، هو أنه لا يعقل أن يمسك بزمام السلعة الإستراتيجية الأولى بعد "الزيت" وفي رواية "القهوة" كل من هبّ ودبّ من الجنرالات ؟!!.. ضحك الحاضرون استهزاءً وأبناؤه خجلاً من استنتاجات عمي المختار، حتى أن من بينهم من جزم في نفسه بمصير هذا الشيخ الذي أكيد "مخه" "طار"!!.. مرّ يومان وظهر أنّ السكّر عاد وبنفس السعر، لكن الجنرال لم يعد ؟.. وحتى لا يظهر بمظهر السخرية؛ أكّد لهم عمّي المختار استنتاجاته السابقة، فمن غير المعقول – من وجهة نظره - أن يتم التراجع عن قرار سيادي مثل هذا - أي قرار التنحية - بمجرد توافر حبيبات السكّر التي لم تعد تُحلّي هذه المرة !.. «ألم تُلاحظوا الفرق في مذاق السكّر قبل وبعد الإقالة» استطرد عمّي المختار!!.. لم يستطع أحد الحضور مجاراة الشيخ في تخاريفه، فانتفض قائلا: «كفانا من راديو تروتوار» ألا تدري أنّ "رب" "راب" السكّر هو من تم تنحيته وليس الجنرال، وأنه عندما أعاد الحياة لشركات فرنسية مفلسة وفرّج على الكثير من إخواننا في التاريخ والجغرافيا، تم معاقبته بقرار سيادي نقل منه صلاحية التصرّف في السكّر إلى غريمه "حداد" ؟!!.. بُهت الحاضرون من تحليلات الجامعي المختص، لكن عمّي المختار رد مغضباً:«يا وليدي اللي فايتك بليلة فايتك بحيلة.. هذا "قرا" في "الجامع" مش "الجامعة"!!.. قلت غريمه؟ صحح معلوماتك هو شريكه!!..وانزيدلك معلومات إضافية: الإعفاءات الجبائية الأخيرة في المواد الاستهلاكية "السكّر، الزيت،.." في صالح من؟!! هل يصل أثرها إلى المواطن البسيط ؟ إليّ وإليك ؟ .. شوف يا وليدي: س، ك، ر، تجمعهم تصير "سُكّر" وتصير عند أزمة ندرة.. تنزع الشدة تصير "سُكْر" وهي حالة اغلب الشباب أقرانك.. تقلبهم تصير "كسّر" وهو حالة أغلب المواطنين جنرالات كانوا أو بوابين..أينما تُغيّر الحروف عن مواقعها يطلعلك "السُكّر".. "كرّس الرداءة".. "ركْسٌ" من عمل الشيطان.. تزيد الياء تعيش سعيد في بلادك "السيرك"، تزيد التاء مربوطة تأكل "الكسرة" وتحمد ربي على العافية، تزيد الألف تحفظ "الكراس" وما تخدمش "الراس".. يا وليدي: الذي افتعل أزمة السُكّر هم نحن، والجنرال الذي تسبب في ذلك هو أنا وأنت.. في بلادي كلٌ منا صار جنرالاً، يحتكر وينتقم، إلاّ "اللي ما لحقش".. "العساس" التابع للنقابة جنرال في إدارته، الطالب التابع للمنظمات جنرال في جامعته، التاجر الذي يحتاج الناس إلى بضاعته جنرال في محله، الممرض الذي يغتنم آهات المرضى جنرال في مشفاه.. ياوليدي: إذا كثروا الجنرالات.. احرز "سكرك".!!...