أذكر أنه كنا في صغرنا نحرص على لعبنا وكل ما هو خاصتنا، فنقول لمن يحاول الاقتراب من هذه اللعب "نتاعي"!!.. ولما تعاقبت الأجيال التي من بعدنا، توسعت دائرة استحواذهم، وأصبحوا يودّون أن لو تملكوا كل ما تقع عليه أعينهم، فيصفون كل لعبة يرونها ب "نتاعي"!!.. لكنه وفي زمن الكبار من حولنا، وفي الجامعة - التي يوصف تعليمها بالعالي - ظهرت ألعاب جديدة يتملكها كبار الجثث صغار العقول ؟!!.. من المستصاغ أن يحرص الصغار على تملك ألعابهم أو ألعاب إخوتهم بكل ما يحمل التصرف من براءة وسذاجة، لكنه من المستهجن جداً أن تتحول الجامعة - التي برأها معالي الوزير من ذيل الترتيب - بكل ما تحمل من مكونات إلى مرتعِ لمجموعة ألعاب يعبث كل من دب وهب بمقدراتها.. فما نفتؤ أن نسمع مراراً من هؤلاء الصغار الذين يحاولون الظهور بمظهر الكبار عبارة "نتاعي"!!..؛ على شاكلة: الدكتوراه "نتاعي"!!..، المجلة "انتاعي"!!..، المخبر "نتاعي"!!..، الملتقى "نتاعي"!!..وكأنّ من حقهم التملك والاستحواذ على مقدرات الجامعة والسطو على مرافق الأمة جمعاء؟!.. إنك حينما تحاول الاقتراب من تلك المشاريع لابداء الرأي أو تصويب أخطاء أو المشاركة الطبيعية بصفتك شريك مهم وأحد الأعضاء الفاعلين في الأسرة الجامعية بموجب القانون والعرف وتحمل المسؤولية، أو على الأقل بصفتك مواطن غيور على مقدرات أمته، يهبّ أولئك الصغار هبة رجل - صغير - واحد لحماية ممتلكاتهم المزعومة ولعبهم السخيفة التي يتوهمون.. ويقول بكل سذاجة غير بريئة؛ افتح الدكتوراه "نتاعك"!!..، واطبع المجلة "نتاعك"!!..، وانشئ المخبر "نتاعك"!!..، ونظّم الملتقى "نتاعك"!!..، وهم في قرارة أنفسهم - الصبيانية - لا يريدون أن يكون لغيرهم "انتاع"؟!!..، بل أثبتت التجربة مراراً أن هؤلاء يبذلون كل ما لديهم من نفوذ مستخدمين كل الطرق - غير المشروعة طبعاً - لمنعك من المبادرة وتقاسم الأدوار، لأنك في نظرهم "لست معهم فأنت ضدهم" أو لأنك باختصار لست "نتاعهم"، ولم ترض أن تكون لعبة من ألعابهم مثلما يفعل أمثالهم، في نظرة قاصرة حقيرة لقيمة العلم والأعمال المنظمة، وفي ضرب صارخ لتقاليد التكامل وأدب الاختلاف.. إننا ننتظر - بإشفاق - أن يكبر هؤلاء في التفكير، أو يرحلوا صغارا إن أصروا على طفوليتهم، بعيداً عن الجامعة، وليأخذوا لعبهم التافهة إلى أي روضة أطفال أو إلى الشارع، وليحذروا دهس المركبات المثقلة بما يفيد المجتمع.. إنه حينما يكبر هؤلاء ويدعوا ما ليس ملكهم لمجموع مالكيه؛ حينئذ تتحرر الجامعة من تلكم التفاهات وتلتفت إلى مهمتها الحقيقية، فتخدم "الدكتوراه، والمجلة، والمخبر، والملتقى،.." التي هي مجرد وسائل؛ الغاية الأسمى للجامعة؛ التي هي ريادة المجتمع وقيادة التغيير.. "إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم"