يطرح امتلاك الأسلحة النووية جدلا محيرا بين مختلف الأمم حيث تتسارع الدول غير الممتلكة للسلاح النووي للتوقيع على مختلف الاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بحظر انتشار الأسلحة النووية بينما تتفنن الدول الممتلكة لترسانة نووية قادرة على تدمير الأرض في تطوير صناعاتها العسكرية النووية للحفاظ على سيطرتها وتعزيز وتدعيم مواقفها لردع العدو وطمأنة شعوبها في عالم لا يرحم فيه الضعفاء والمتخلفين وما يحدث في إيران وكوريا الشمالية والهند أحسن دليل على أن النووي حاليا بات ورقة لا بد منها في سياق إعطاء توازن للعلاقات الدولية وغير ذلك بات هذيان ومضيعة للوقت وتعبير عن وهم وذل لا نستطيع كسب شفاعة الغرب به وهو الذي عرف بأن عقول العرب في شهواتهم وتخويفهم كفيل بأن يمنعهم من المغامرة بنخب الأمة لاكتساب أهم سلاح في عصرنا. سمحت الثورة التكنولوجية للدول الغربية من السيطرة على العالم من خلال تطوير صناعة الذرة واستغلالها في مختلف الحروب العسكرية والسياسية والتكنولوجية والرقمية والمعرفية وفوق ذلك نصبت كل الوسائل والتكنولوجيات لمنع الدول العربية والإسلامية خاصة لمنعها من تطوير التكنولوجيا النووية بإيعاز من إسرائيل لأن المعايير التي تحكم الملف/ اكتساب السلاح النووي/ بعيدة كل البعد عن الخلفيات التي تحدث عنها السفير السابق حسين مغلاوي حيث أشار إلى السلام العالمي واستعمال الطاقة النووية لأغراض سلمية بينما أغفل ما بين سطور العلاقات الدولية حيث تروج إسرائيل لسلبيات امتلاك دول الجنوب للسلاح النووي من باب أنها تساند القضايا العادلة وهو ما يشكل خطرا على إسرائيل وما يحدث على الملف النووي الإيراني أكبر دليل على الخلفيات التي تحكم حقيقة الاختلاف الذي تميز مختلف دول العالم حول أحقية العرب والمسلمين في اكتساب الطاقة النووية من أجل خلق توازن للقوى في العالم وردع إسرائيل التي تعتبر المحرك الأساسي للملف النووي في العالم. ويظهر أن كوريا الشمالية تعتبر أكثر الدول معرفة بالملف النووي لأنها لا ترد على تهديدات الغرب إلا بالتجارب النووية ففي كل مرة يحاول الغرب التشويش على كوريا ترسل بيونغ يونغ مكوكا إلى الفضاء أو ترسل صاروخا عابرا للقارات وتفجره فوق ألاسكا كإنذار للولايات المتحدةالأمريكية والدول الغربية حيث أكسبها هذا السلوك احتراما كبيرا ومكانة سياسية مرموقة حيث تجد بلاد أوباما في كل مرة إرسال الرئيس السابق بيل كلينتون لتقديم اعتذارات لكوريا الشمالية عن تجاوزات ارتكبتها الولاياتالمتحدةالأمريكية ولو كانت كوريا الشمالية مثل يوغسلافيا لكان مصيرها القصف الجوي ومحاولة التركيع لكن ترسانتها النووية جعلت العالم يحسب لها ألف حساب وحتى محاولة توظيف كوريا الجنوبية من قبل الغرب سيكون فاشلا طالما أن سيول تعرف جيدا خبايا نوايا الغرب ولا تستطيع إعادة تجربة حرب 1950 / 1953 وهو ما أدركته الولاياتالمتحدة جيدا واتجهت للصين واليابان للضغط على بيونغ يونغ تجنبا للمواجهة. كما نجحت إيران في فرض منطقها على الغرب من خلال كثرة مناوراتها في تسيير ملفها النووي وكل مرة يتخذ الغرب عقوبات تقوم إيران باختراع نووي جديد وتدشين مفاعلات أخرى وتكافح طهران بالاقتصاد والسياسية والفن والرياضة وهو ما جعل ملفها النووي يزداد قوة وباتت إسرائيل لا تنام اليوم من كثرة النجاحات الإيرانية ولو كانت قد وقعت على معاهدة فرض انتشار الأسلحة النووية وعدم تطوير قدراتها لكانت اليوم تحت رحمة الغرب من خلال فرض العقوبات ولما الاحتلال على شاكلة أفغانستان. وعليه فالجزائر التي تعتبر من الدول العظمى أعتقد أنها تسرعت في إمضاء الاتفاقيات التي تمنع انتشار الأسلحة النووية لأن إسرائيل بامتلاكها لهذا السلاح لن نكون في مأمن وعليه كان علينا التفاوض من أجل الضغط لأن ما حدث مع إيران أظهر ضعف الغرب في التعامل مع التكنولوجية العربية والإسلامية وهو ما كان سيجعلنا نستفيد من تجربة إيران لتقوية مواقفنا لأنه بامتلاكنا السلاح النووي كانت القضايا العربية والإسلامية والإفريقية وكل القضايا العادلة ستأخذ منعرج آخر...