منذ طفولتنا ونحن نسمع الكلمات النارية للرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات وهو يقول: العهد هو العهد والقسم هو القسم وإنها لثورة حتى النصر وفي كل مرة نجد أن اقدار الله ترسل لنا أبطال كأنهم اشارات على طريق الثورة الفلسطينية التي لابد أن تنتصر طالما استمرت جذوة نارها مشتعلة في القدسالمحتلة وفي كل ربوع الوطن المحتل الذي ينزف منذ سبعون عاما. لقد استشهد واعتقل وجرح عشرات الآلاف من ابناء شعبنا على طريق العودة والتحرير ولا يزال عهد الثورة مستمر وسيبقى مستمرا طالما بقيت الأرض محتلة وكان ولا يزال للأطفال الذين يحملون جينات التمرد والثورة دورا مهما في الثورة الفلسطينية منذ ظاهرة أطفال الآر بي جي .. إلى ظاهرة أطفال الحجارة .. إلى أن امتلأت المعتقلات الصهيونية بالأطفال الذين صمدوا في التحقيق والتعذيب أمام أعتى آلة تحقيق في العالم لدرجة أن انتحر بعض المحققين الصهاينة احتقارا لأنفسهم أمام صمود طفل فلسطيني أمام التعذيب والتحقيق في الوقت الذي يلعب فيه أقرانه في المنتزهات. واليوم تقف طفلة فلسطينية اسمها «عهد التميمي» لتعلمنا الرجولة ولتقول لنا أين أنتم من العهد الذي قطعه الشهيد «ياسر عرفات» وأقسمتم عليه جميعا؟؟ أين أنتم من العهود التي قطعها كل الشهداء الذين رووا أرضنا المحتلة بدمائهم الطاهرة؟؟ أين أنتم من عذابات المعتقلين في كل السجون عبر العقود الماضية؟؟ أين أنتم من الاستيطان والجدار الذي يلتهم الأرض الفلسطينية؟؟ أين العالم كله من التهويد المنظم للقدس المحتلة التي لم ولن تكون ألا عاصمة لفلسطينالمحتلة؟؟ أين أنتم من المعنى الحقيقي للحرية فالحرية هي حرية الروح وليست حرية الجسد وإذا كانت الطيور تدرك أن الحرية أثمن من الخبر، فما بالك بالشعب الذي سرق الاحتلال كل أرضه ومقدساته وثرواته منذ عام 1948 وإلى اليوم. إنها الطفلة الفلسطينية «عهد التميمي» (16عامًا)، التي تشرفت بصفع قناص صهيوني حقير قبل أيام كان يمارس هوايته في إلحاق الاعاقات بأبناء شعبنا الفلسطيني خلال الهبة الجماهيرية الأخير من أجل القدس العاصمة الأبدية لفلسطين رغم أنف الاحتلال الصهيوني ومن خلفه ترامب. «عهد التميمي» رضعت من أمها جينات التمرد والثورة وعزز والدها عندها هذه الجينات فأخته شهيدة وأخو زوجته شهيد وهكذا نشأت «عهد» في بيئة تعاني من ظلم الاحتلال فكان من الطبيعي أن تقاوم المحتل الصهيوني بهذا العنفوان وهذه الشراسة التي تحملها الأنثى الفلسطينية الشريفة ضد الاحتلال، فمنذ سنوات اعتقلوا أمها في مشهد بطولي وكانت صامدة ودافعت عنها ابنتها الطفلة «عهد» وقالت لها أمها لا تخافي وصرخت عاشت فلسطين وهذا المشهد موثق إعلاميا. ثم دافعت «عهد» عن اخوها الأصغر الذي اعتقله جنود الاحتلال وكسروا له يديه الاثنتين ضربا وركلا بمنتهى الوحشية والإجرام أمام كاميرات الصحافيين ودون اعتبار لأي (مجتمع دولي) وهاجمت عهد الجنود بيديها وأسنانها وهذا أقصى سلاح يمكن أن تملكه عهد وكانت صغيرة لا تتجاوز العاشرة وكبرت عهد ولم تخاف ولم تتراجع ولم تقبل الذل ولم تخضع ولم ترضى أن تسكت وهاجمت أخيرا القناص الصهيوني الحقير وصفعته على وجهه وركلته وطردته من بيتها الذي كان يعتلي سطحه ليقتنص أطراف الأطفال الذين يقاومون المحتل الصهيوني بحجارة وصخور من الأرض الفلسطينيةالمحتلة ثم اعتقلها الجنود في مشهد يدل على مدى الجبن والحقارة والنذالة لدى كومة جنود جبناء يقتادون طفلة فلسطينية عزلاء من السلاح إلا سلاح الإرادة والعزة والتمرد على الاحتلال .. هؤلاء هم جنود الجيش الذي قيل عنه أنه (لا يقهر) يمارسون مظاهر الشجاعة على الأطفال والنساء ويختبئون في الملاجئ عند سماع صافرة الانذار. لقد أصبحت عهد (إرهابية) رسميا وتمّ توقيفها بشكل رسمي على ذمة التحقيق لمدة عشرة أيام بطلب من النيابة العامة الصهيونية ووافقت هيئة المحكمة الصهيونية على طلب النيابة. وعندما حاولت والدتها زيارتها تم اعتقالها على أساس أنها ارهابية سابقة (لها صفحة سوابق وطنية عند الاحتلال) وعندما نشر والدها على الانترنت ما حصل لابنته وزوجته تم اقتحام بيته ومصادرة هاتفه وحاسوبه الشخصي على أن يحضر لدى مخابرات الاحتلال للتحقيق والاستجواب، علما أن بنات عمها ايضا معتقلات بتهمة مقاومة الاحتلال. عهد هي عهد وقسم وثورة .. عهد كشفت زيف الجندي الصهيوني الجبان الذي يقال عنه إنه لا يقهر وكشفت زيف الاعلام الصهيوني التافه السخيف الذي يستثمر كل حدث للفبركة والاتهام الباطل والذي هاجم الطفلة «عهد التميمي» وجعلها مادة تحريضية بنفس المنهجية الصهيونية الحقيرة في التزييف والتدليس وللأسف هناك من يصفق للإعلام الصهيوني الكاذب .. ولك الفخر يا عهد يا من استطعتي ان تشغلي اعلام دولة بحجم دولة الاحتلال واستطعتي أن تصفعي جندي وتركلي آخر في الوقت الذي يخاف بعض من يقولوا عن انفسهم رجال من التكلم عن الاحتلال الصهيوني كلمة واحدة. إنها جينات الكرامة الفلسطينية تقف ثابتة أمام جينات النذالة الصهيونية إنها جينات الحق الفلسطيني المسروق وقف بشموخ أمام اللصوص والقتلة الصهاينة .. عهد هي العهد الذي أطلقه ياسر عرفات عندما قال وسيرفع طفل فلسطيني أو زهرة فلسطينية على أسوار القدس ومآذن القدس وفقط أمثال «عهد التميمي» سيرفعون العلم الفلسطيني قريبا على أسوار القدس بعد تحريرها من أيدي الصهاينة بجهود جنود مخلصين لله صادقين في العهد مع الله يقسموا قسم الولاء لله ولفلسطينالمحتلة ولا يعودوا إلا وقد تحقّق العهد وأبروا بالقسم إن شاء الله وإذا كان الاحتلال الصهيوني يمتلك وعود من اشخاص (لن اذكر اسمائهم تقززا منهم) فنحن الفلسطينيين لدينا وعد من الله بالنصر والتحرير ودخول القدس ..»عهد التميمي» هي طفلة فلسطينية ثورية نموذج واقعي وعملي من ثورة وطنية كانت ولازالت تاريخ ووعد... وعهد ... فالثورة الفلسطينية هي الماضي الذي نستمد منه سرّ البقاء والحضور وهي الحاضر الذي يحمل إلينا أسماء المجد وتراتيل المقاومة والانتصار وهي الفرحة التي تلتصق في جوانب ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا وتشرق شفقا في القلوب والأرواح وهي الحزن الذي يذكرنا بدماء وبطولات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين والمعاقين... والمطاردين. عندما أتحدث عن الثورة الفلسطينية التي تجسدها «عهد» فإنني أقف أمام أسطورة البطولة التي أينعت كبرياء أمام الموت .... إن بطولة «عهد» فتحت أمامنا فضاء ومدى اكثر اتساعا من فضاء الكون كله أن الزنزانة التي تقبع بها «عهد» الآن هي مدرسة بل جامعة أكاديمية راقية ستتخرج منها «عهد» بدرجة دكتوراه شاملة لكل التخصصات والعلوم والمهارات والخبرات البطولية والثورية لأن «عهد التميمي» هي فكرة مختلطة بشقاء الكفاح ولذة الحرية وهي انتقام للأجساد المحترقة من تحت أنقاض المنازل وعتمات الزنازين وسلاسل الجلاد وأقبية المحققين الصهاينة المجرمين وهي صحوة الشعب ولغته حين يغضب .... وهي رقته حين يشفق ..لا .... بل إن «عهد» هي النبض الفلسطيني حين يعشق. عهد هي الثورة التي غرست في عتبات قلوبنا انتماء وصبرا وتحديا وعنادا، لأننا ونحن الرجال تعلمنا منها الرجولة والبطولة والفداء .. رغم انها طفلة لكنها ليست مجرد طفلة انها فكرة تتفجر وتبحث عن انعتاق لشعبنا من سطوة المحتل الصهيوني وشهوة الجرافات والدبابات والطائرات والقنابل والقناصات الصهيونية التي بحثت ولا زالت تبحث عن لحم الفلسطيني حيا أو ميتا. عهد في خلاصة الخلاصة هي اختصار للتاريخ في معاني التضحية والمحبة والبقاء والتحدي والشرف وكل المبادئ الطاهرة الراقية التي يمكن لإنسان شريف أن يتخيلها. إن بطولة الطفلة «عهد» تفرض على كل من يحمل المسئولية عن شعبنا أن يكون أول همّه المعتقلين الفلسطينيين وأن تسرع المقاومة الفلسطينية في انجاز صفقة تبادل الجنود الصهاينة المخطوفين في قطاع غزة مع آلاف المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلا استثناء وأن لا يسكت الإعلام الوطني الشريف عن إثارة قضايا المعتقلين الفلسطينيين وعلى رأسهم عهد التميمي ... وأن يكون هذا عهد بيننا جميعا وبين الله أن لا نسكت وأن لا نكل ولا نمل إلا وقد تحرّر كل أطفالنا وبناتنا وشبابنا من سجون الاحتلال الصهيوني بأية طريقة .. وقبل ذلك كله أرجو من قياداتنا انجاز المصالحة الفلسطينية وتوحيد شطري الوطن حتى تتكاتف الجهود السياسية مع جهود المقاومة في وجه العدو الصهيوني على طريق النصر والتحرير والعودة.