أكد الأستاذ محمد لحسن زغيدي، أمس، أن بيان أول نوفمبر وليد عصارة وطنية، مثلت وثيقة هامة لأي إصلاح وطني حاضرا أو مستقبلا، وورقة قرار لدول التي تريد التحرر، إذ أصبح لها صدى كبير ومرجع للعديد من الحركات التحررية في العالم، نظرا للصيغة الدقيقة التي جاء بها، يبقي نموذج يحتذي به لأي زمان ومكان. وأضاف زغيدي أن الحديث عن بيان أول نوفمبر، يعني الحديث عن روح الثورة في حد ذاتها باعتبارها الوثيقة التي أعطت الشرعية للانتقال من النشاط السياسي إلى العمل الثوري المسلح من خلال إنها حالة الصراع التي كانت قائمة بين أعضاء الحركة الوطنية، مشيرا أنها وثيقة موجهة إلى النخبة الوطنية بعد الانقسام الخطير بين المركزيين والمصاليين، وذلك قصد إعادة لمّ شملهم وتوحيد كلمتهم أمام المستعمر الفرنسي. وأوضح زغيدي في ندوة نقاش بمركز الشعب للدراسات الإستراتيجية بعنوان«بيان نوفمبر، دراسة في الأبعاد والمضمون»، أن هذا المستند جلب اهتمام الباحثين في العالم، لكيفية صياغتها التي تحتوى حسبه على 662 مفردة جاءت في 9 فقرات، راعى مضمونها الاختصار في الكلمات والتدقيق في المعنى. وضم البيان في طياته13 بعدا سياسيا اختلفت في المساحة التي شفرتها، شملت البعد النضالي، العملي الديني، المغربي وكذا البعد الديمقراطي الذي أقر المشاركة السياسية للجزائريين في المحافل الدولية والحضاري وحتى الإنساني والسلمي وبعد تاريخي، الثقافي والشعبي الذي جاء في 10نقاط، حيث عبر عن النضالية للجزائريين من سري العمل والتنسيق المحكم. وأفاد ذات المتحدث، أن ما ميز أكثر هذه الوثيقة هو اكتسابها الطابع السلمي وهذا البيان لم يحمل أية كلمة حرب ادم والوحشية والإنسانية، ولم يشر إلى التعذيب أو التقتيل، بل كانت رسالة حملت في طياتها ذكاء خارقا لواضعيه جاء لاجتثاث الاستعمار وليس للقضاء على المبادئ الإنسانية. وهو برهان أخر للقادة الفرنسيين أن من حرك الثورة الجزائرية نخبة ذات مستوى تعليمي راق وخبرة عالية ودرجة لا يستهان بها من الذكاء وليس مجرد لصوص وقطاع طرق كما كان قد وصفهم الخطاب الكولونيالي. لكن الأمر يضيف ذات المتدخل تعدى تلك الترهات بعد أن أثبتت مع مرور الوقت أنها ثورة شعب يسعي لاسترجاع حقه المسلوب، ورد الاعتبار للإنسان الجزائري الذي عانى من ويلات الاستعمار الغاشم لحقبة تزيد عن القرن، حيث اثبت أن الرجال فجروا الثورة. وابرز في ذات السياق، أن الثورة لم تكن وليدة الفراغ، وإنما هي نتاج نضال طويل لتشكيلات سياسة وثقافية متنوعة يطلق على مجموعها الحركة الوطنية، لعب البيان دورا كبيرا وفعالا لإخراج الحركة من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الشخصيات . ودعا الأستاذ محمد لحسن زغيدي في الأخير، الجيل الحالي إلى ضرورة التدقيق في قراءة بيان أول نوفمبر باعتباره خطوة أخرى لفهم مسار الحركة الوطنية، كاشف في ذات السياق أن كتابة هذا البيان يعود الفضل فيه أساسا إلى الشهيد محمد العيشاوى بحضور مجموعة من قادة الثورة أمثال محمد بوضياف والشهيد البطل ديدوش مراد.