إستلمت رسميا في الفاتح جانفي 2011 السيدة ''ديلما روسيف'' مقاليد الرئاسة في جمهورية البرازيل، لتكون أول امرأة تتبوأ أرقى وأهم منصب رسمي على رأس أكبر دولة بأمريكا اللاتينية وثامن قوة اقتصادية في العالم، وذلك إثر فوزها على منافسها الاشتراكي الديمقراطي ''جوزيف سيرا'' في الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر الماضي بفارق واضح 12٪ ( 56٪ مقابل 44٪). وتعد السيدة ''ديلما'' التي ينعتونها ب ''جان دارك البرازيل'' واحدة من أشهر النساء الثائرات على مستوى قارة أمريكا اللاتينية، حيث قضت 40 عاما من عمرها (63 سنة) في العمل النضالي، بدأته يافعة شابة سنة 1969، ضد الفقر والظلم والديكتاتورية، مما كلفهما دخولها السجن لمرتين قضت لآخر مرة حكما ظالما لثلاث سنوات. فمنذ أن شبّت ووعت بما يدور حولها وفي بلدها اختارت إبنة البلغاري المهاجر والبرازيلية القحة إلى حد النخاع، العمل الثوري والنضالي دون هوادة، بمختلف أشكاله منهجا وسبيلا في محاولة منها لتغيير الأوضاع الاقتصادية والفوارق الاجتماعية الرهيبة في بلد يسكنه 193 مليون نسمة يعاني وهو «الثري» فيه الملايين من الفقر المدقع، جعلت منه الأمبريالية وقوة الهيمنة بلدا فقيرا، وشغلت شعبه عن قضاياه الجوهرية، وفي مقدمتها التنمية والعدالة الاجتماعية، والارتقاء بمستوى معيشة أفراده، مما يوّفر لهم متطلبات الحياة الأساسية، من حيث الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليم والسكن.. إلخ. وكانت «جان دارك البرازيل» التي شغلت في حكومة الرئيس المنتهية ولايته «إيناسيو لولا داسيلفا» منصب وزيرة الطاقة، قد تعهدت إثر إعلان فوزها في الانتخابات الرئاسية بمواصلة النضال من أجل محاربة الفقر في بلادها وحماية حقوق المسحوقين بها وليس مصالح الرأسمالية، التي جعلت من البرازيل ''الثري'' بؤرة فقر ومحسوبية و''كومبرادور'' لسنوات، ملتزمة بالسير على خطى الرئيس ''لولا داسيلفا''، الذي سلمها المشعل وهو متيقن بأن خليفته في منصب الرئاسة، جديرة بالثقة التي منحها إياها الشعب البرازيلي وكذا في قدراتها على مواصلة المسيرة على درب التطور والرفاهية والازدهار ومن ثم تمكين غالبية الشعب البرازيلي من حقه في العيش الكريم. وتؤمن الرئيسة ''ديلما روسيف'' بأن الفعل الثوري الذي شبّت عليه ليس كلاما ولا شعارات فحسب بقدر ما هو عمل دؤوب مكّن رئيسها ومرشدها ''إيناسيو لولا داسيلفا'' من شعبية حقيقية بفضل انجازاته والمكتسبات التي حققها شعبه وبلده إبان فترة حكمه داخليا وخارجيا وهو الذي نأى ب 29 مليون برازيلي من براثن الفقر، وأدت سياسته هذه إلى انتشالهم من الاقصاء والتهميش وحالة البؤس التي كانوا يعانون منها ويعيشون فيها والتي تصر خليفته على مواصلتها. وتبدو السيدة ''ديلما روسيف'' المناضلة في حزب العمال اليوم أكثر إصرارا بحكم منصبها الجديد على محاربة كل أشكال الاستغلال والهيمنة الأمبريالية، والعمل بلا كلل من أجل مواصلة التغيير، حاملة سلاح ثورة الحق، هدفها الأول سيكون -بالتأكيد- كسب معركة مواجهة التحديات العديدة التي يواجهها بلدها في عالم العولمة والذي يزيد من مكانة البرازيل كدولة رئيسة في الاقتصاديات الصاعدة بصفة بارزة ويصبح بذلك مشاركا فعالا في تخليص العالم من أزمته الراهنة. وكوزيرة للطاقة في حكومة الرئيس المنتهية ولايته، جعلت السيدة ''روسيف'' من بلدها أحد أهم البلدان في مجال الطاقة في العالم، والذي يبرز بدوره الفاعل من خلال برنامجها السياسي الذي سيكون بمثابة ''المانفستو'' الذي تأمل كثيرا أن يؤّمن الرغد لبلد عانى الكثير من الفوارق الاجتماعية ومن تسلط ''الأمبريالية'' وأذنابها، ووعدت باجتثاث ''غول'' اسمه الفقر.