يتعرض الوطن العربي حاليا الى العديد من الأحداث والاحتجاجات التي تؤكد أن شيئا ما يدبر في الخفاء لتمرير مخططات أو تحقيق أهداف خفية للاطاحة بأنظمة أو التحذير من معارضة المشاريع الأمبريالية الغربية التي يظهر أنها تستثمر في الأقليات والحريات الدينية وبعض حقوق الانسان لإثارة الفوضى والبلبلة وتحميل الشعوب على أنظمتها لبسط أرضية التدخل وتقسيم الدول في اطار مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أوكلت مهامه لوسائل الاعلام وتجار الأسلحة لتجسيده، وتدعو التحولات الكبيرة في العلاقات الدولية الى التمعن جيدا في الخلفيات والأسباب التي تحرك الأحداث التي وقعت في وقت واحد وتزامنت مع الكثير من التطورات الخطيرة التي تجعل مستقبلنا في خطر. مهما كانت النقائص الديمقراطية والتنموية في البلدان العربية التي أثرت بشكل كبير على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فإن اللجوء للعنف والتطرف لن يحل تلك النقائص التي تتطلب الى مشاريع وطنية تتلاقى فيها جميع القوى الفاعلة في المجتمع وتسمح بالمساهمة في تسيير شؤون البلاد والمساعدة في حل الملفات الكبرى وهذا لقطع الطريق أمام المؤامرات والضغوط الخارجية التي أصبحت ورما سرطانيا يصعب اكتشافه أو القضاء عليه. وقد أثبت الولاء الكبير للغرب من قبل بعض الأنظمة فشله في الحفاظ على السلطة وما كشفت عنه تسريبات ويكيليكس أكبر دليل على ذلك، كما أن الأمر لم يتوقف عند ذلك ونتجت عنه حاليا تطورات ميدانية خطيرة منها استقالة نصف حكومة لبنان وتأجج الوضع في تونس ووضع مصر في عين الاعصار بسبب ملف الحريات الدينية ومحاولة استغلال احتجاجات الجزائر لتسويد صورتنا ونشر البلبلة في أوساط الجماهير وكل هذا وراء عملية تقسيم السودان التي يشرف عليها الأمريكان بعد الانزال الكبير الذي قامت به الادارة الأمريكية قبل أيام من الاستفتاء وتحت غطاء الأممالمتحدة كلها معطيات لم تأت بالصدفة بقدر ما تعتبر أمور مدبرة مسبقا وبإحكام. وفي سياق متصل، جاء حوار وزير الخارجية الفرنسية ميشال أليو ماري لقناة فضائية حول الأحداث التي تعيشها بعض الدول العربية، مثيرا للكثير من الأسئلة بعد أن تمادت في انتقاد الأوضاع ومحاولتها تقديم باريس كرجل حكيم منشغل بحقوق الانسان في تونسوالجزائر وحديثها عن امكانية المساعدة ضاربة عرض الحائط بكل الأعراف الدبلوماسية واحترام سيادة الدول، متناسية تنامي العنصرية في بلادها ضد العرب والمسلمين وتحميل الرأي العام ضد دول الساحل لتبرير تدخلها هناك وغيرها من الملفات التي تهدد عرش ساركوزي الذي فشل في تحرير رهينتين بالنيجر وجعلته تائها بين الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الداخلية والفشل الذريع في الدفاع عن المصالح الفرنسية في الخارج. كما برزت الدبلوماسية الأمريكية في تكييف ما يحدث في لبنان ومصر مع قضايا حقوق الانسان والحريات الدينية والمحكمة الدولية في قضية اغتيال عمر الحريري واستدعائها للسفير التونسي في واشنطن حول أحداث تونس وهو ما ينبأ بالمزيد من تفجير الأوضاع في الوطن العربي لإدخاله في التخلف والصراعات الداخلية حتى يصبح الوضع هشا وتتراجع التنمية وتعم الفوضى التي تعني المزيد من التخلف وتضييع الوقت والجهد والمال ومنه تقوية اسرائيل على حسابنا مع منح وسائل الاعلام دور التهويل والاثارة لتوجيه الأحداث والرأي العام وفقا لمنظور الدول الغربية.