يكشف فريد إيغيل أحريز، مدير ديوان حظيرة الأهقار عن التحديات والأخطار التي تتهددها على اعتبار أنها تتربع على مساحة شاسعة لا تقل عن535 ألف كلم، وتمثل 95 بالمائة من ولاية تمنراست. وتضاهي مساحتها دولة فرنسا، وتنام على ثروة طبيعية وجيولوجية نادرة على غرار النبات والحيوان والصخور، وتكتنز إرثا لا ماديا ومعرفة نابعة من العرف والتقاليد، تعكس الحضارة الصحراوية الجزائرية العميقة. وتحدث فريد إيغيل أحريز في حديث صحفي أجرته معه ''الشعب'' بتمنراست عن مشروع لتصنيف الحظيرة عالميا، مبرزا الرهان الذي يرفعه من خلال مهرجان فنون الأهقار ''ابالسة تينهينان'' المكرس على أساس تجميع التراث المادي خوفا من اضمحلاله مع تعزيز الحفاظ عليه وحمايته، مثيرا تردي الوضع الأمني في المنطقة. @@ ''الشعب'': قيل الكثير عن النهب الذي يطال الطبيعة الصحراوية من أجانب لتطوير أبحاثهم، ما هي الأخطار التي تهدد هذا الإرث المادي واللامادي في الوقت الراهن؟
@ فريد إيغيل احريز: هذه الحظيرة الشاسعة التي تماثل مساحتها فرنسا، تزخر بتراث متنوع ومتعدد، وتعتبر أكبر متحف على الهواء الطلق في العالم، توجد بها أنواع التراث المادي واللامادي على غرار المواقع الأثرية والرسومات والنقوش الصخرية والحيوانات والنباتات والتراث الجيولوجي إلى جانب التراث اللامادي من عادات وتقاليد، وتراث ثقافي مثل الشعر والموسيقى والفنون. لا أخفي أن هناك محاولات في الماضي حيث يأتي بعض الأجانب في ثوب سياح يأخذون معهم صخورا ونباتات ورمال، وما إلى غير ذلك، لكن الآن هناك محاولات استغلال ما تزخر به المنطقة تقلص كثيرا بفضل تشديد الرقابة، عقب خلق نحو 50 مركز رقابة وحراسة على مستوى هذه الحظيرة، إلى جانب التنسيق مع فرق الجمارك والتشديد على وجه الخصوص يكون على مستوى محاور العبور خاصة المتواجدة بمطار ''اقنار'' على اعتبار أنه أهم وأبرز محطة يلج عبرها الزوارالى تمنراست ونقطة مغادرتهم. إلى جانب هذا إننا حرصنا على انتداب أعوان من فرق الحراسة للعمل رفقة الأمن والجمارك على مستوى المطار، وأعطينا تعليمة لكي لا تخرج لا ذرة رمل ولا نبات، حيث يستعمل جهاز السكانير في الكشف على ذلك، ما عدا ما يباع من تحف الحرفيين.
@@ وبالنسبة للباحثين الأجانب الذين يدخلون على أساس إجراء بحوث، هل العملية مقننة وتخضع إلى الرقابة، أم المجال مفتوح ولا يدفعون ثمن استفادتهم من كنوزنا؟ وهل حدث وأن رفضتم مشاريع خاصة بالبحث للأجانب؟ @@ انتهجنا إستراتجية واضحة تقوم على اشتراط قبول البحوث عن طريق إبرام الأجانب لإتفاقيات مع جامعات ومراكز بحث جزائرية، حيث تكون هذه البحوث مراقبة وتجرى في شفافية بعيدا عن الحيل التي كثيرا ما ينتهج أسلوبها الأجانب خلسة وفي الخفاء، وبذلك غلقنا الباب في وجه الانتهازيين الأجانب، فمركز البحث أو الجامعة الجزائرية بإمكانها تقدير صحة ما يطرح وما يؤخذ عينة من تراثنا المادي واللامادي. وطرح علينا أحد الجزائريين مشروعا للبحث في مجال صنع الأدوية يعود في الأصل لصالح الأجانب، رفضناه بسبب عدم وضوحه، لأن الهيئة المختصة هي الوحيدة القادرة على تقدير حجم ما يجرى على أرض الميدان. @@ ما هي الدول التي تتعاملون معها في هذا المجال؟ وكم هو عدد الباحثين الأجانب الذين يجرون سنويا بحوثهم في الأهقار؟ @ الاهتمام يأتي بشكل كبير من الدول الأوربية على غرار فرنساإنجلترا وبلجيكا وإيطاليا إلى جانب الباحثين الجزائريين. @@ نسجل سنويا ولوج نحو 35 باحثا أجنبيا على حظيرة الأهقار في عدة مجالات الجيولوجيا وعلم الآثاروعلمي النبات والحيوان، وبدرجة أقل التراث اللامادي. @@ ألم يؤثر اللاستقرار الأمني الواقع بدول الجوار على اعتبار أن منطقة الساحل مهددة ببؤر الإجرام والإرهاب على وجه السياحة وتدفق السياح الأجانب؟ @ لا أخفي أن حظيرة الأهقار سجلت تذبذبا وتراجعا من حيث تدفق السياح الأجانب عليها خلال السنوات الأخيرة، حيث لا يتعدى عددهم سنويا 18 ألف سائح، بسبب تردي الوضع الأمني بمنطقة الساحل ودول الجوار على غرار المالي والنيجر، لكن يجب أن أؤكد أنه لا يوجد تأثير مباشر علينا والتأثير الذي يجب أن نتحدث عنه هو غير مباشر والمتعلق بتخوف بعض الأجانب الذين يعتبرون مسكونين بهاجس ما يجري في منطقة الساحل. @@ ألا توافقني إذا قلت لك أن هناك تأخر في تصنيف الحظيرة عالميا؟ألم يؤثر ذلك عليها من جانب استقطاب أكبر عدد من السياح الأجانب والترويج لها على صعيد أوسع؟ @ في البداية سطرنا أولويات على اعتبار أن الدولة تمول هذه الحظيرة، وبعد الانتهاء من ذلك ويتصدرها توفير الحماية ومحاولة تعزيز إرثها، حضرنا ملف التصنيف العالمي للحظيرة وقد يأخذ المشروع وقتا يناهز السنة لكي تصنف ضمن التراث العالمي.
@@ ما هي أهداف المهرجان الدولي ''فنون الأهقار تينهنان أبالسة'' في طبعته الثانية والذي يقام في قلب الحظيرة من خلال مخيم ''أقنار''؟ @ أعطينا هذا المهرجان صبغة علمية ثقافية حضارية أصيلة وفنية، وهذا المهرجان يعول عليه كثيرا في تعزيز مهام الحظيرة وتثمين كنوزها والتعريف بالتراث الذي تحتضنه، ومن جهة أخرى يسمح المهرجان بتقارب السكان مع الخبراء ويفتح فرصة ثمينة لتجميع التراث اللامادي.