ما يزال ملف التجارب النووية وأثارها الكارثية على سكان منطقة ''رڤان'' تطفوا إلى السطح، من خلال مطالبة الجزائر السلطات الفرنسية بالاعتذار والتعويض لان هذه التجارب خلفت عدة ضحايا، نتيجة الأمراض التي نجمت عن التفجيرات خاصة مرض السرطان وحدوث تشوهات خلقية للأفراد، والأكثر أن آثار هذه الجريمة تنتقل إلى أجيال أخرى، كون المنطقة لم يطهرها الاستعمار بعد القيام بالتفجيرات. وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا لم تعترف بالتجارب النووية، وبقيت في إطار سري للغاية، لكن مع بروز موجة تجريم الاستعمار خاصة ما جرى في كاليفورنيا، وكشف منظمات حقوق الإنسان ما جرى ومطالبتها بالاعتراف والاعتذار. أصبحت القضية كبيرة بالنسبة للجزائر التي اشترطت في صفاء العلاقات مع فرنسا أن تسوى بعض الملفات العالقة وعلى رأسها الاعتذار وتعويض ضحايا التجارب. لكن الأمر المؤسف أن السلطات الفرنسية حين أصدرت قانون تعويض ضحايا التفجيرات النووية، أكدت على تعويض الضحايا العسكريين الفرنسيين مستثنية الضحايا الجزائريين، الذين اشترطت عليهم شروطا تعجيزية كتقديم دليل يثبت الإصابة بالمرض. لان أغلب الضحايا ماتوا ومنهم من يزال يعاني بالمرض نتيجة التفجيرات لحد الساعة. وبالرغم من المناورات الفرنسية فالجزائر ما تزال متمسكة بطلب الاعتذار والتعويض، وفي هذا الإطار هناك قافلة تضم ممثلو الجمعيات وأطباء انطلقت إلى أدرار، للاحتفال بالذكرى ال51 للتجارب النووية بصحراء الجزائر والتضامن مع ضحايا التجارب النووية وكذا المطالبة مجددا بالاعتذار والتعويض. وفي هذا الصدد، اعتبر فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان التجارب النووية التي اقترفها الاستعمار الفرنسي في حق سكان منطقة ''رڤان'' الأعزل بأنها جريمة ضد البشرية، لان أثارها مازال يعاني منها الأفراد والجيل الذي يتبعه، وانه ليس من حق فرنسا القيام بهذه التجارب ببلادنا، مبديا الموقف الواضح للجنة الاستشارية لحقوق الإنسان ومساندتها لقافلة ادرار. وقال انه لا يمكننا أن ننسى هذه الجريمة وعلى فرنسا الاعتذار الرسمي والعلني مع التعويض، لان الأمراض التي خلفتها التفجيرات خطيرة لاسيما مرض السرطان، وان علاجها طويل ومكلف، مشيرا لدى نزوله ضيفا على الحصة الإذاعية ''لقاء الخميس'' أول أمس إلى وجوب الضغط على فرنسا للقيام بذلك. وأضاف قسنطيني، انه من واجب اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان المشاركة في القافلة ودعم المجتمع المدني والأطباء الذين تجندوا في هذه القافلة تضامنا مع سكان الجنوب. وبالمقابل، لم يقدم قسنطيني الإحصائيات عن عدد المصابين بالسرطان، بسبب التفجيرات النووية قائلا أن ''هناك منظمة خاصة تتكفل بمرضى السرطان، ولديها الأرقام الدقيقة حول عدد الضحايا''. وبالنسبة لمسألة إصدار قانون تجريم الاستعمار، يعتقد رئيس اللجنة الاستشارية أن القانون لن يبقى مجمدا لمدة طويلة لان مطلب الجزائر شرعي. ويرى المتحدث ضرورة تأجيل الأمر كون العلاقات الجزائرية الفرنسية في الوقت الراهن ليست جيدة. وانه في البداية يجب جمع المعلومات والأسماء لتشكيل ملف صحيح، يمكننا من خلاله التطرق إلى العدالة الدولية ضد الحكومة الفرنسية.