تؤكد أغلب التقارير العالمية في المجال التجاري، التنامي المخيف لأرقام قيمة التداول التجاري العالمي للبضائع المقلدة، والتي وصلت إلى مبلغ قدره 780 مليار دولار سنويا، حسب ما تأكد من المداخلة التي قدمها الدكتور محمد الصابغ أمس بمركز الشعب للدراسات الاستراتيجية.. ذلك ان هذه الظاهرة طغت بشكل مكثف في الميزان التجاري العالمي، وينتظر ان تكون اكثر ضخامة في السنوات القادمة، نظرا لعدة اعتبارات. وتعد الدول النامية في مقدمة المجتمعات التي تعاني من كثافة السلع المقلدة، التي تنافس بشكل كبير العلامات المسجلة، ويأتي ذلك لوجود «آليات» مشجعة لتنامي وجود السلع المقلدة، كونها تجد تشجيعا كبيرا يخص الاقبال المتزايد عليها بصفة مطردة، لان الهم الوحيد بالنسبة للمستهلك هو السعر الذي تعرض به هذه المنتوجات.. والذي يكون تنافسيا لدرجة كبيرة فأغلبية المستهلكين في البلدان النامية وبحكم القدرة الشرائية الضعيفة لهم يتجهون بصفة آلية لهذه السلع، التي لايتم مراعاة فيها ادنى الشروط والمقاييس مقارنة بالمنتوجات الاصلية. وبالتالي، فان الاستهلاك القياسي لهذه السلع «المغشوشة» يعطي لاصحاب هذه الفكرة «والمنتجين الموازيين» تشجيعا وسيولة لإغراق الاسواق بالمنتوجات، لانهم يعرفون ان السوق تطلب ذلك بالحاح. والظاهر بالعين المجردة أن أغلب المنتوجات تكون أسعارها في البلدان الاوربية بصفة خاصة باهظة، في حين أن نفس المنتوج يتم عرضه بسعر أقل بعشرة مرات من الاول، لان الثاني مصنوع من مواد ومقاييس غير مطابقة تماما لنوعية المنتوج. وإذا كان المستهلك قد حقق مبتغاه باقتناء منتوج ما بسعر تنافسي وفي متناوله، فان الكارثة تكون بعد ذلك، أي عند الاستعمال، والتي يتمخض عنه اضرارا كبيرة لايحمد عقباها.. خاصة بالنسبة للمنتوجات الكهرومنزلية او قطع غيار السيارات او حتى الأدوية. لذلك، فان الوضعية المالية للمستهلك في الدول النامية تجعله امام مخاطر عديدة في علاقته مع المنتوجات المختلفة، فمن جهة لايمكنه في اغلب الاحيان اقتناء السلع الاصلية باهظة الثمن.. ومن جهة اخرى لايعرف اين يكمن الفرق بين الاصلي والمقلد كون السوق غارقة في السلع المتشابهة، حتى أن المنتوج المقلد تطور كثيرا في جانب عرض السلعة، التي لايمكن لمستهلك عادي التعرف عليها آليا. وبالتالي، فإنه من الضروري ارساء قواعد صارمة لمحاربة المنتوجات المقلدة، خاصة في السلع التي تؤدي الى مشاكل كبيرة، كالأدوية وقطع الغيار كونها مضرة مباشرة للمستهلك، الذي يكون بين المطرقة والسندان عندما يرى الأسعار الخيالية لبعض قطع الغيار، الامر الذي يؤدي به الى السلع المقلدة التي يخاطر بها بحياته.. ولم يفكر بصفة منطقية في الامر. فالسلع التي تعرض بأسعار منخفضة تكون حتما غير مطابقة للمقاييس، حتى ان المقولة المتداولة منذ زمان عندنا تعطي صورة حقيقية عن هذه الوضعية: «لي عجبوا رخصوا يرمي نصو».. لكن في بعض الاحيان قد يرمي ويخاطر بحياته لاختياره المنتوج المقلد.