لازالت معضلة العقار بمعظم بلديات ولاية الشلف تشكّل إحدى المعوقات الكبرى، التي ظلّت مطروحة منذ سنوات ممّا عرقل تجسيد عدة مشاريع تنموية ضمن التوسع العمراني والحضري، سواء داخل نسيج المدن القديمة أو البلديات التي تم إنشاؤها ضمن التقسيم الإداري سنة 1984، الأمر الذي انعكس سلبا على وتيرة التنمية الخاصة بالبنية التحتية والهياكل القاعدية، وهذا بالمناطق المحاصرة بالعقار الفلاحي الخاص والعمومي، بالإضافة إلى تقاعس المسؤولين في السنوات الأخيرة. هذه الوضعية التي أعاقت وتيرة المشاريع والعمليات بعدة بلديات، ولم تثن جهود السلطات المحلية والولائية في تجسيد عدة إنجازات حسب طبيعة المبادرات للإدارات المتعاقبة على تسيير شؤون 35بلدية، خاصة بالمناطق التي عاينّاها لإنجاز هذا الملف الحساس حسب المنتخبين المحليين. إشكالية العقار وضعف النشاط السياحي ولعل القطاعات الأكثر تضررا وضحية معضلة العقار المطروحة بحدة في القطاع السياحي بالولاية، التي ظلت جبهة البحرية الممتدة على طول 120 كيلومتر، من حدود تيبازة إلى غاية مدخل ولاية مستغانم. هذا الإمتداد لم يشفع للمنطقة التي ظلت تعاني من وجود وعاءات عقارية لإنشاء مشاريع لتنشيط الجانب السياحي، وهو ما ظلت تتحجّج به المديريات المتعاقبة، بدعوى أن مساحات الشريط الساحلي عبارة عن غابات، ولا يمكن تجاوزه طبقا للمراسيم والقوانين التي تحمي العقار الفلاحي من النهب، وكذا العامل البيئي الذي طالما رفعته الجهات المعنية. هذه الخطوط الحمراء لم تستطع المصالح المعنية والهيئات المكلّفة بتجاوزها، ممّا أخّر إنشاء المشاريع السياحية ذات البعد الإجتماعي والإقتصادي والسياحي، حيث غابت المركبات والهياكل القاعدية والبنية التحتية خاصة خلال السنوات المنصرمة، وهو ما أكده محمود جامع والي الشلف خلال الحصيلة التي بثّتها الإذاعة الجهوية، حيث أشار ذات المسؤول أن مشكل السياحة اعترضته الوعاءات العقارية، مشيرا أن إنجاز الدراسة الخاصة بأربع مناطق للتوسع العمراني بكل من سيدي عبد الرحمان والقلتة والمرسى، من شأنهاإعطاء دفع لهذا النشاط، الذي ظل بعيدا عن أهدافه الإقتصادية والإجتماعية من حيث خلق الثروة وتوفير مناصب شغل للبطالين. وبالنظر إلى المعطيات التي بحوزتنا، فإن النقص المسجل في قطاع السكن بعدة بلديات، لا يعود إلى الحصص التي تخصّصها الدولة للولايات، بقدر ما هو نقص في المساحات العقارية لاستقبال هذه المشاريع التي عادة ما توجه لمنطقة بها فضاءات عقارية ملك للدولة، الأمر الذي يطيل في عمر ضائقة الإحتياجات إلى المشاريع السكنية، مما ينعكس سلبا على المواطن الذي عادةÅيجهل هذه المعلومة التي لم ينقلها أي منتخب أو مسؤول في غالبية الأحيان. هذا من جهة، ومن جانب آخر أن هناك بعض الوعاءات العقارية تسبّب في هدرها مسؤولون، وضاعت تحت غطاء إقامة مشاريع استثمارية التي سرعان ما حوّل بعضها عن مساريه، كما هو الحال ببلدية عين مران، حيث حوّلت هذه القطع إلى سكنات خاصة وهذا على مرأى الجميع. أما الضحية الثانية، بلدية واد الفضة التي حرمت خلال السنوات المنصرمة من حصص سكنية تستجيب للطلبات الكبيرة، وهذا بسبب عدم توفير مساحات وجيوب عقارية، الأمر الذي جعل المنتخبين يواجهون ضغوطات كبيرة. ولعل المتسبب في ذلك المصالح المعنية من فلاحة وأملاك دولة، بدعوى هناك مراسيم عليا تمنع ذلك، لكن بالمقابل رأينا نهبا للعقار الفلاحي المتعلق بإنجاز سكنات لأصحاب المزارع الفلاحية الفردية والجماعية. وهي جريمة تجسد بهذه المنطقة. وقد سبق وأن نبّهنا عنها، ولكن لا أحد تحرّك، في وقت أن ولايات أخرى وهي مجاورة لم تسمح بمثل هذه البناءات، والتي دخلت عالم البزنسة ولا أحد تحرك. ومن معضلة هذه المنطقة، هي قلة المشاريع السكنية، وغياب المساحات الرياضية الجوارية داخل الأحياء والتجمعات السكانية. وقد علمنا أن المصالح الولائية قد منحت مساحات عقارية تصل إلى حوالي 70 هكتار حسب رئيس المجلس البلدي كيداون محمد، وهذا بمنطقتي الزبابجة وسدي الديوان لإنجاز المشاريع السكنية بهدف التخفيف من حدة الطلبات خاصة مع إنجاز 200 وحدة سكنية ريفية، حسب مصالح من الدائرة. ولدى معاينتنا للمنطقة النائية سيدي راشد، أشار سكان هذه الجهة إلى قلة السكنات الإجتماعية والتساهمية، حيث أن الطلبات أصبحت لا تطاق، وتزداد تفاقما حسب أقوالهم بالنظر إلى الإنفجار السكاني الذي تعرفه المنطقة التي لا يستوعب فيها هؤلاء ما يسمى بمشكل العقار، الذي لم تبذل فيه السلطات المحلية جهدا لحلّه خلال السنوات المنصرمة، رغم ما خصّصته الدولة من مشاريع. ولعل إشارة الوالي في ذات الحصيلة، بقوله أن حصة بني راشد مازالت معلّقة بفعل انعدام العقار، حسب قوله. ولكن بدرجة أقل لمسنا المشكلة ببلدية أولاد عباس، التي صارت محاصرة بالأراضي الفلاحية الخاصة ومزارع المستثمرات، حسب تصريح رئيس المجلس البلدي أحمد فاطمي. فالقفزة المحققة في تجسيد المشاريع في حدود العقار الموجود غيّر من وجه المنطقة، حسب معاينتنا لها، حيث أكد لنا ذات المنتخب أن تحقيق المخطط الجديد للتهيئة والتعمير، من شأنه تنظيم المشاريع وتوسيعها نحو الإستجابة لاحتياجات المنطقة، التي تمكّنت من رفع التحدي بالحصول على حصة 240 وحدة سكنية، لكن الإنجاز المثالي التي توصّلت إليه البلدية هو القضاء شبه الكلي على الطلبات في السكن الريفي، وهي البلدية الوحيدة بالولاية، لكنه اعترف بالمقابل بوجود نقص وقد تمّ تداركه من طرف السلطات الولائية، التي خصّصت 16هكتار من العقار لإنجاز مشاريع أخرى، وهذا بالقرب من المقبرة والمخرج الشمالي نحو بلدية بني راشد. وبالرغم ما تحقق من إنجازات خاصة بقطاع الشبيبة والرياضة، إلا أن هناك نقص بعدة مناطق كما هو الشأن بالجهات الساحلية حسب النائب البرلماني إدريس زيطوفي ولعل النقص يشخّصه الواقع المرير الذي يتخبّط فيه شباب سنجاس، الذي ضمن فريقه الصعود إلى القسم الأعلى، إلا أن مشكل الملعب مازال يطرح بحدة، وهو ما يثير قلق هذه الفئة العريضة من المجتمع. هذه الوضعية أرجعها المسؤولون بانعدام العقار ببلدية سنجاس، الموجود على الطريق الوطني رقم 19، المؤدي إلى ولاية تسمسيلت بالمخرج الجنوبي. الأمر الذي جعله مشروعا معلّقا لحد الساعة، وهو ما يتطلب تحرّكا من طرف المنتخبين، حسب ما علمناه من والي الشلف. وحسب ما توصلنا إليه، فإن مشكل العقار مرتبط بقوانين مكبّلة تحول دون استفادة هذه البلديات وغيرها من مشاريع تنموية، وهياكل قاعدية لتلبية طلبات السكان، والمساهمة في تطوير الجانب الإجتماعي والإقتصادي والسياحي والثقافي، وخلق الثروة، لكن من جانب آخر، فإن هدر المساحات وترك مافيا العقار تعبث، فهذا يعد في حقيقة الأمر جريمة ينبغي معاقبة أصحابها ومن كان وراءها.