كما كان متوقعا، تصدر تعديل الدستور قائمة سلسلة الأولويات التي حددها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لتكريس التغييرات والإصلاحات السياسية المعلن عنها مؤخرا والتي من شأنها تعميق المسار الديمقراطي .حمل خطاب الرئيس بوتفليقة الذي وجهه للأمة نهاية الأسبوع أجوبه لانشغالات الطبقة السياسية التي طالبت بالتعجيل في الكشف عن فحوى التغييرات الخاصة بالشق السياسي منذ إعلانه عنها مؤخرا. ولان تعديل الدستور خطوة حاسمة فإن القاضي الأول في البلاد لم يفوت الفرصة للتوضيح بأن «تتويج.. الصرح المؤسساتي الرامي إلى تعزيز الديمقراطية» يستلزم ادخال التعديلات اللازمة على تعديل الدستور مذكرا في سياق متصل بتأكيده في عدة مناسبات على ضرورة «اخضاع الدستور للمراجعة». ومن أجل تعديل الدستور الذي لم يحدد تاريخه بعد تقرر اسناد المهمة إلى لجنة دستورية حسبما اكد رئيس الجمهورية، تتميز أساسا بمشاركة «التيارات السياسية والفاعلة» إلى جانب خبراء في القانون الدستوري تعكف على إعداد مقترحات ترفعها إليه على أن يبث فيها ثم تعرض على البرلمان أو للاستفتاء الشعبي. وكان حزب جبهة التحرير الوطني سباقا الى المطالبة بتعديل معمق للدستور حيث رفع مقترحات في هذا الشأن إلى رئيس الجمهورية في سنة 2006 الأمر الذي لم يستسغه زميله في التحالف التجمع الوطني الديمقراطي الذي أبقى على موقفه خلال الآونة الأخيرة في وقت شكل هذا المطلب قاسما مشتركا بين أغلب تشكيلات الطبقة السياسية على اعتبار انه كفيل بتكريس التغييرات السياسية. كما أن مراجعة الدستور المندرجة في اطار صلاحيات رئيس الجمهورية دون غيره، كانت متوقعه ليس لانها مطلب الطبقة السياسية وقبل ذلك قناعة شخصية للقاضي الأول في البلاد، وإنما ضرورة تمليها التطورات والتغييرات المرحلية ذلك أن المرحلة الجديدة تقتضي مراجعة الدستور. ولم يتعد التعديل الاخير الذي جرى نهاية سنة 2008 بعض المواد المتعلقة بتحديد العهدات الرئاسية وترقية الدور السياسي للمرأة وكتابة التاريخ في حين يرتقب أن تكون المراجعة التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة معمقة من أجل تتويج الصرح المؤسساتي لتعزيز المسار الديمقراطي. ولأنه تقرر اشراك الأحزاب السياسية الى جانب الخبراء في القانون الدستوري فان الطبقة السياسية ستتحرك في اقرب الآجال من اجل تقديم مقترحاتها لاسيما وانها شددت على ضرورة الكشف على مستوى التغييرات في اقرب الآجال للاطلاع عليها، غير ان رئيس الجمهورية عمد الى اشراكها في العملية لابداء رأيها. واذا كانت مراجعة الدستور مسألة مفروغ منها فان الطريقة التي ستتم بها لم تحدد بعد لاسيما وان الرئيس بوتفليقة ترك الباب مفتوحا على الاحتمالين إما موافقة البرلمان او عرضها للإستفتاء، وقبل ذلك سيتم تنصيب اللجنة المنوطة بتقديم مقترحات تعديل الدستور وكذا تحديد موعد إجراءه.