هل يؤثر عدم فتح قطاع السمعي البصري على الأمن الوطني؟ إشكالية حاول الباحث أحمد عظيمي الإجابة عنها، من خلال تحليله للأوضاع الداخلية والخارجية التي تحيط بالجزائر، وتزداد الوضعية خطرا يقول عندما نرى أن الرأي العام الجزائري يستقي معلوماته مما توفره وسائل الاتصال السمعية البصرية الأجنبية، خاصة العربية في ظل الانتشار الواسع لهذه الأخيرة باختلاف توجهاتها. أكد الباحث أحمد عظيمي خلال مداخلته أمس في الندوة التي نظمها مركز «الشعب» للدراسات الاستراتيجية التي تناولت موضوع «قطاع السمعي البصري.. رهانات وتحديات»، أن الوضع الحالي في الجزائر يتميز بارتفاع سقف المطالب الاجتماعية، وتهديدات على مستوى الحدود خاصة الشرقية من الوطن التي تربطنا بليبيا، التي تتعرض حاليا لقصف من قبل قوات الحلف الأطلسي. في ظل هذه الأوضاع يقول عظيمي نجد أن المواطن الجزائري يقبل على القنوات الأجنبية، وهذا لا يعود حسبه لكون الجزائري أكثر تفتحا، بل يعود لغياب مجالات النقاش في الجزائر، مبرزا بان القنوات العمومية مهما بلغت درجة احترافيتها، لا يمكن أن تستجيب لكل التطلعات. وبرأي المتحدث فان عدم قدرة الإعلام السمعي البصري الإحاطة بانشغالات المواطنين وبالتالي الاستجابة للرأي العام الجزائري، يجعل هذا الأخير عرضة للتضليل من قبل القنوات الأجنبية، خاصة وأن هناك دراسات حسب عظيمي تشير إلى أن 20 مليون جزائري أقل من 20 سنة، تؤكد على أن عدد كبير منهم لم يتفرج ولو مرة على التلفزيون الجزائري، وهناك من لايتفرج ولو دقيقة واحدة على الأخبار التي يبثها هذا الأخير وهذا خطير جدا، والأخطر في نظر المتحدث أن المواطن في ظل غياب مجالات للحوار والنقاش وقنوات تعنى بمشاكله وانشغالاته، يلجأ إلى القنوات الأجنبية خاصة العربية لاستقاء المعلومات، وبالتالي يكون عرضة للتضليل، لأنه لا يمتلك المستوى اللازم الذي يمكنه التمييز بين الأخبار التي تصله إن كانت صحيحة أو مغلوطة، خاصة الأخبار التي ترد عن الجزائر التي تواجه خطرا امنيا على أطرافها والمتمثل في الانتفاضة الليبية وما أفرزته من تداعيات على الدول المجاورة من بينها بلادنا، خاصة وأن الحدود التي تربطها بالجزائر تتعرض إلى القصف من قبل قوات أجنبية، بالإضافة إلى التوتر الاجتماعي والسياسي المسجل على الصعيد الداخلي. هذه الوضعية تطرح انفتاح قطاع السمعي البصري ليس بضروري فقط وإنما حتمي، ويرى الباحث عظيمي انه من الضروري امتلاك منظومة اتصال وطنية ذات كفأة ومصداقية، وأكثر من ذلك لا بد أن تستضيف الرموز الوطنية باختلاف توجهاتها لتعرض أفكارها ومواقفها بكل ديمقراطية، لان المواطن الجزائري إذا لم يعرف رموزه يلجأ إلى رموز أجنبية، وينجذب إلى أفكار لا تمت بأي صلة لا بهويته ولا بانتمائه، فيضيع ويصبح لقمة صائغة يسهل غزوه فكريا، وبالتالي توجيهه من الإعلام الأجنبي كيفما شاء. ومن جهته تساءل المنتج والمخرج بوعلام عيساوي عن تأخر فتح المجال السمعي البصري، وهل يعود ذلك إلى أن الرأي العام الجزائري غير مهيأ لذلك، أم أن الجزائر بلد يخاف من صورته. وبنظر المتحدث فان الجزائر لا تريد فتح قطاع السمعي البصري، لأنها تخشى الانزلاقات، غير أن هذا السبب يمكن التحكم فيه، ومن بين الاقتراحات التي قدمها، منع فتح قنوات ذات طابع ديني، وتشجيع فتح قنوات مختلطة، وكذا تأسيس مجلس أخلاقيات المهنة، واقترح كذلك وضع مبادرة بمشاركه أهل الاختصاص والمهنيين والخبراء في هذا المجال، وتوجيهها إلى رئيس الجمهورية لتأسيس الوجه الجديد للجزائر. وأشار إلى أن التلفزيون الجزائري يتعامل مع قطاع الإنتاج الخاص بشكل كبير، حيث أن اغلب الحصص والبرامج التي تعرض هي من إنتاج خواص لديهم تجهيزات حديثة وموارد بشرية متمكنة وكفاءات لا يستهان بها. ويرى بوعلام عيساوي انه من الضروري فتح مجال السمعي البصري لاستدراك تأخر كبير واستراتيجي لتأسيس الرأي العام الجزائري، مبرزا بان هذا الانفتاح سيعود بالمنفعة من الناحية الاقتصادية إذ أنه سيساهم في خلق مناصب الشغل.